رائد المصري - خاصّ الأفضل نيوز
لا يمكن لأحد أن يصدق أو يعتقد أن الرئيس دونالد ترامب، يكاد يكشف المستور في قاع الإدارة الأميركية، ويظهره للعلن، ويفشي سرّه أمام الأعداء والأصدقاء والعملاء، بهذه الصورة الواضحة، فشجاعته كشفت أسراراً وسياسات الدولة العميقة في الإدارة الأميركية، وهي التي بقيت تتستّر على ما في نفسها وتخفيه على الناس، حتى جاء من الرؤساء الأميركيين رجل مــ"ترامب"، فلم يصدّق العالم ما يسمعه اليوم، مثل هذه التصاريح القوية والحادّة والنارية، التي تصدر عن الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، والعائد بعد ولاية الرئيس جو بايدن، فهو حتما الرئيس الأميركي المناسب، لإطلاق مثل هذه التصاريح، لأنه يمتلك من العفوية، ما يمكنه من قول ما لا يُقال، في السياسات العالمية وكشفها على الملأ.
أميركا الدولة العميقة، انتظرت كثيراً، وكانت تستعدّ لتقول ما في جعبتها، وتفرغ ما يعتمل بداخلها، فاشتغلت على تحضير الرئيس دونالد ترامب، لهذه اللحظة، وجعلت العالم يرجوه أن يرِثَ اليوم جميع القضايا والمسائل والعقد والنتائج العالمية، حيث الصدمات الكبرى، تنطوي عليها تصاريح الرئيس دونالد ترامب، فأميركا هي كما تريدها الإدارة العميقة وتعكسها تصاريح الرئيس دون خجل، وكل شيء يجب أن يدور في فلك واشنطن، وكل المال حول العالم يجب أن يمرّ بخزانتها، وأن تعود فائدته عليها.
أميركا الدولة العميقة تهدّد بترسانتها الحربية وبخزانتها المالية، فهذا العصر، قد اشتغلت عليه طوال مائة عام، حتى جاء الرئيس دونالد ترامب ليحققه في ولايته الثانية، فصدمات الرئيس دونالد ترامب الكبرى متوقعة، وهو جريء في نفح إسرائيل ومنحها من كيس غيره، فأعطاها القدس والجولان، وما تحتاجه من مال وسلاح وقدرات لوجستية وحربية، وها هو يريد أن تكون الولايات المتحدة شريكة العالم كله، في ماله وسلاحه، وهذا الشرق وربما العالم كله، بنظر الإدارة الأميركية العميقة، ليس إلّا مجرَّد صيد ثمين، وَجب وضع اليد عليه، حيث بدأت في غزة الدائرة تدور، لوضعها في جعبة الأميركي وهي المحمَّلة بالنفط والغاز والثروات على المتوسط.
واليوم ليس الحديث الإسرائيلي الفظ والعلني حول الاحتفاظ بنقاط عسكرية استراتيجية خمس داخل حدود لبنان، سوى أنها غطرسة في محاولة لكسر إرادة اللبنانيين وفرض الشروط عنوة، إذ تنتهي في 18 من الشهر الجاري المهلة الممنوحة لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، واالذي كان مقرراً مع
انتهاء مهلة ال 60 يوماً، حين تم التوصل الى تفاهم وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، لتطبيق القرار 1701، لكن تل أبيب بقيت تماطل وتراوغ ، إذ هي لا ترى نفسها مجبرة على الانسحاب، في ظل موازين قوى تعتبرها لصالحها وفي المنطقة برمتها، لا سيما بعد ما حدث في سورية وتوسعها الدراماتيكي هناك، في مناطق استراتيجية وذات ثروات مائية.
حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة من المنظار الأمني، ضربت موعداً لإعادة المستوطنين الى الشمال، لكنها تريد إثبات انها مرتاحة أمنيا ومسيطرة على الأرض، وترغب بفرض جوٍّ من الرهبة، المترافق مع كل خروقاتها العسكرية والأمنية الماضية، لكن الأمور بخواتيمها، وحتى تبين فشل هذا الرهان وغيره، سيبقى الإسرائيلي على غطرسته بخروقاته، ويبقى لبنان متمسكٌ بالتلال المطلة في القطاع الشرقي والغربي، فيما يطرح الفرنسي صيغة تقوم على الحلول مكان الإسرائيلي بعد انسحابه، لكنه طلب مرفوض إسرائيلياً، قبل أن يكون لبنانياً وهذا ما صرح به رئيس مجلس النواب نبيه بري.
فإسرائيل لا يمكنها المكابرة طويلاً والاستمرار في الاحتلال، وفي كل الأحوال، سيكون لبنان بعهده الجديد، رئيسا وحكومة، أمام امتحان فريد وكبير وخطير من نوعه، ديبلوماسي مقاوم، يمهد الطريق لكباش هام يتعلق بما هو أكبر، بمفاوضات الترسيم براً وربما بحراً، وبمقاربة ملف مزارع شبعا القائم بذاته.