نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
تجاوزت أزمات لبنان منذ العام 2019 نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل كبير على جميع جوانب الحياة، فقد أرهقت المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للقطاعين المالي والاقتصادي، التضخم الذي شهدته البلاد وارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين ارتفعت معدلات الفقر والبطالة والهجرة بشكلٍ فادح.
إلّا أن الأسابيع الأخيرة بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة حملت بوادر انتعاش وبارقة أمل بدعم مناخ الأعمال، وتوقعات متفائلة بعض الشيء حول مناخ الأعمال في لبنان، إذا تم تنفيذ إصلاحات حقيقية خلال الفترة السابقة. فثمة تحسّن على هذا الصعيد، وعلى الرغم من التحديات الجمة فالمؤشرات توحي بإمكانية تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والتعافي الاقتصادي للخروج من أزمة البطالة وإنعاش سوق العمل والحدّ من هجرة الأدمغة والكفاءات.
وبحسب تقرير التشغيل والآفاق الاجتماعية في الدول العربية - اتجاهات 2024 الصادر عن منظمة العمل الدولية فإن البطالة في لبنان خاصة بين الشباب تعد الأعلى في المنطقة مسجلة 47.8% ما شكل دافعًا أساسيًا لهجرة الشباب اللّبناني للبحث عن فرص عمل ومستقبل أفضل.
كما وأشار التقرير إلى أن نصف البطالة المسجلة في لبنان هي بطالة طويلة الأمد وتمثل مؤشرًا خطيرًا يطال 48.9% من العمال الذين يعانون من انعدام الاستقرار المالي وفقدان المهارات والقدرة على العمل.
بارقة أمل... لكن !
من هذا المنطلق، تقول مصادر مطلعة لـ "موقع الأفضل نيوز"، "إنّ فرص الأعمال في لبنان قد تحسنت بشكل تدريجي، ولكن لا يزال الوضع الاقتصادي هشًا ويعتمد على عدّة عوامل لتحقيق نمو حقيقي ومستدام، ما يتطلب إصلاحات عديدة لتترافق مع هذا التحسن، انطلاقًا من بيئة مستدامة وجو من الاستقرار السياسي والاقتصادي".
تفاؤل اقتصادي بالعهد..
تعتبر المصادر أنّ "التحدّيات كبيرة وما تزال تؤثر على الاقتصاد اللّبناني، كما أن الإجراءات الإصلاحية المطلوبة لدعم الاقتصاد لم تُنفذ بعد، على أمل أن يكون انتخاب الرئيس قد يساعد في استعادة بعض الثقة لدى المستثمرين والمجتمع الدولي".
وترى أنّ "التحسن في مناخ الأعمال يعتمد إلى حدّ كبير على استقرار الحكومة وقدرتها على تطبيق إصلاحات اقتصادية شاملة ومكافحة الفساد المتفشي".
التحديات كبيرة... والإصلاحات ضرورية!
وعن الإصلاحات التي يجب إعادة النظر بها كونها خطوات مهمة للنهوض بمناخ الأعمال، توضح المصادر نفسها أنّه " هناك حاجة ملحة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية عميقة تشمل معالجات عديدة كإعادة هيكلة القطاع المصرفي، تحقيق استقرار العملة والإصلاح الضريبي، وكل ذلك لا يتحقق إلّا إذا تم الحفاظ على استقرار الحكومة وإعادة الثقة بين المستثمرين المحليين والدوليين".
وتضيف: "كما ويجب العمل على تعزيز الإستقرار السياسي من خلال حكومة فاعلة ونظام سياسي يضمن المشاركة العادلة لجميع الأطراف، وأن تكون الانتخابات شفافة وأن تستطيع المؤسسات على العمل بعيدًا عن التدخلات السياسية، بالإضافة إلى تحقيق إصلاحات جذرية لمكافحة الفساد في كافة القطاعات الحكومية والخاصة، مع ضمان استقلالية القضاء وفعاليته في محاسبة المسؤولين".
وتشدّد المصادر على، "إنّنا قد نكون أمام فرصة ذهبية بفعل التطورات في لبنان لاستعادة الدولة ولإعادة الإنماء والإعمار وإعادة الدورة الاقتصادية إلى حجمها الطبيعي".
وتختم: "تحقيق تحسين "حقيقي" في مناخ الأعمال في لبنان يتطلب مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي تستند على الاستقرار السياسي، الإصلاحات المالية على كافة أشكالها، تحسين بيئة العمل، تعزيز البنية التحتية، ودعم القطاعات الإقتصادية الرئيسية مثل الزراعة والصناعة".
في الخلاصة، تبقى هذه التحدّيات هاجسًا حقيقيًا يواجه اللّبنانيين، ولكن من خلال التركيز على تطبيق الإصلاحات اللّازمة، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي لا تنكر يمكن تحقيق تحسين مستدام في مستقبلهم المهني وتفعيل دورهم في بناء اقتصاد لبنان وتطوير المجتمع عاجلاً أم آجلاً.