مريم ابو خضر
بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة اللبنانية والحكومة "الإسرائيلية"، ودخول الإتفاق حيز التنفيذ من نوڤمبر عام ٢٠٢٤، لم تتوقف الخروقات التي يقوم بها العدو على كامل الأراضي اللبنانية من شمالها إلى جنوبها.
حيث أن الإتفاق بحرفيته وكما ورد، ينصّ على وقف العدو لكافة الاستهدافات التي يقوم بها، وأن لا يقوم بأي استهدافات سواء لأشخاص مدنيين أو عسكريين. إضافة إلى كون الجيش اللبناني هو المعني بتفكيك طاقم التسلح وتصنيعه جنوب الليطاني.
إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فالاستهدافات الإسرائيلية التي تمثل خرق للسيادة الوطنية للدولة ما زالت مستمرة، والطيران الاستطلاعي لا يتوانى عن التحليق في سماء البلاد. كما أن الطيران الحربي، يقوم بالتحليق على علو منخفض فوق المناطق، ويقوم بالاستهدافات من تمشيط وغارات وجدارات فوقها.
فماذا سيكون مستقبل هذه الخروقات أمام واقع المقاومة والعمل الحكومي؟
في حين أن المقاومة التزمت بالإتفاق، وتوقفت عن القيام بأي عمليات عسكرية تجاه العدو، حرصاً منها على عدم خرق الاتفاق، وتأمين السلامة للشعب، لم يتوقف العدو عن فعل ذلك. وأوضح الخروقات التي كانت يوم تشييع أمين عام حزب الله "السيد حسن نصرالله". والتي ووجهت بخطاب الأمين العام الحالي، "الشيخ نعيم قاسم" بالتشديد على فعل المقاومة واستمراره. لكن ما هي الخيارات التي تطرح أمام المقاومة؟
ربما تكون أمام خيارات محددة، أحدها هو البقاء في حالة الانتظار هذه، وإكمال إعطاء الفرصة للجهود الدبلوماسية التي تتمثل بالحكومة اللبنانية، من أجل خروج جيش الاحتلال من النقاط الخمس ووقف الخروقات. أو أنهم سيعملون على إعادة فعل المقاومة للعدو عسكرياً بتوجيه ضربات محددة تؤدي إلى انكفائه. وهو ما يراهن عليه المجتمع اللبناني المنقسم بين من يؤمن بأن المقاومة قوية وما زالت تمتلك العتاد الذي يمكنها من المواجهة. وأخرى تعتقد أنها ضعفت ولن تدخل مجدداً بمواجهة مع العدو لإعادة مفهوم الردع.
فما هو سبب غياب مفهوم الردع هذا؟ طالما الردع يقوم على قدرة القوة التي يمتلكها طرف لمنعه من القيام بعمل يودّ القيام به أو يرغب به. فهل "إسرائيل" متيقنة من غياب هذه القوة؟ وماذا لو لم تكن كذلك؟
فبديل الردع، الذي يأتي باقتناع الطرف المواجه، هناك العمل على إجبار الطرف للإلتزام. وهنا ربما يبرز الدور الأميركي في الضغط على الإسرائيلي من أجل وقف الاعتداءات والانسحابات.
لكن هذا ما لا يحصل، حيث أن اللجنة التي تتواجد فيها أميركا، الراعية الرسمية للاحتلال، لم تسجل ولا أي خرق للعدو طيلة هذه الفترة. بل إن تصريحات ترامب، الذي يمسك بزمام الإدارة الأميركية اليوم، تدلّ كلّها على الأهداف اللاعقلانية التي يريدها ويسعى لتحقيقها.
فيبرز هنا الدور الدبلوماسي، الذي على الحكومة اللبنانية أن تسير به، بعد تأكيد البيان الوزاري على أهمية دحر الاحتلال من الأراضي كلها ووقف الخروقات. وممّا لا شك فيه أنها وإن قامت فعلياً الدولة بذلك، ستفعله مع الوسطاء الأميركيين. لكن ماذا عنهم أنفسهم، ما الذي سيكون مقابل هذا الانسحاب أو وقف الخروقات. وهل تحاول أميركا أن تحصل نتائج لإسرائيل بالسياسة لم تحصلها بالحرب؟وكيف سيسخر الرئيس علاقاته في المفاوضات؟
وماذا عن أهل الجنوب الذين لم يعودوا الى بيوتهم في التلال المحتلة، فهل يدحرون هم العدو بنفسهم؟