ليديا أبو درغم - خاصّ الأفضل نيوز
كشفت المشادة الكلامية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مدى صعوبة التوصل لتسوية سلمية في أوكرانيا، على الرغم من أن الإدارة الأميركية الجديدة حدّدت مساراً لاستعادة العلاقات مع روسيا وحل الصراع الأوكراني في أقرب وقت ممكن، لكن هذا الأمر تعرقله كييف والدول الأوروبية، التي تريد إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا من أجل ضمان ميزة لكييف في المفاوضات المحتملة حتى تتم التسوية بشروط أوكرانيا.
وشهدت علاقة الرئيس الأميركي ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي تحولات دراماتيكية، من المودة إلى شجار لفظي، بدأت مع تحول جذري في سياسة واشنطن منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وتحسن العلاقات الأميركية - الروسية التي تجلّت في المحادثات التي جرت في الرياض، والتي أُقصيت عنها أوكرانيا، ما يضع مستقبل أوكرانيا على المحك ويهدّد بتغيير موازين القوى في شرق أوروبا لمصلحة روسيا على حساب أوكرانيا.
فالخطة الأميركية تقوم على مفهوم السلام من خلال القوة إذ تشمل تجميد النزاع وترك الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في حالة غير محسومة مع توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا لمنع أي هجوم روسيّ مستقبليّ على الأراضي الأوكرانية، وإجراء انتخابات في أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار، وإمكانية الوصول للمعادن الثمينة في أوكرانيا كجزء من أي تسوية مقابل الدعم الأميركي لكييف، لذلك، حضّ ترامب كييف على تقديم تنازلات إقليمية وقبول شروط سلام غير مؤاتية من دون أي اعتبار لمواقف أوكرانيا أو أوروبا التي تلقت ضربة مزدوجة لانعدام البدائل الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية خاصة بعد مطالبة ترامب أوروبا بزيادة الإنفاق العسكري وزيادة مساهمتها في ميزانية الحلف الأطلسي التي تخطّت نسبتها الدساتير المعتمدة في الاتحاد الأوروبي وفرض تعريفات جمركية جديدة على بعض الدول الأوروبية ما يزيد من الأعباء على الاقتصاد الأوروبي.
واقع الحال، يشير إلى أن زيلينسكي يخوض معركة خاسرة مع ترامب، وأوروبا ستشهد واقعاً جيوسياسياً جديداً، نتيجة سياسة ترامب التي تنظر إلى ترميم العلاقات مع روسيا من زاوية أوسع من أوكرانيا، تشمل المواجهة الإستراتيجية الأوسع مع الصين، التى تتحدّى الهيمنة الأميركية عالمياً، فى مختلف قضايا السياسة الخارجية الأميركية ما يشكّل خطراً وتهديداً في سياق مبادرات ترامب الخارجية كافة سواء فكرة شراء جرينلاند أو السيطرة على قناة بنما أو حتى ضم كندا، ناهيك عن علاقة واشنطن بحلف الناتو.
تعامُل ترامب مع أوكرانيا وروسيا أكبر دليل على نهج إدارته السياسي المتناقض، الذي يتسم بالحزم تجاه حلفاء الولايات المتحدة، والضعف والإذعان تجاه خصوم الغرب المسلحين نووياً، وعلى رأسهم روسيا.