إلياس مخايل المرّ - خاصّ الأفضل نيوز
لم يعتد قلمي على كتابة المدح ولا الهجاء، وأبعد كل البعد عن الأشخاص والشخصنة في عملي، سيما أن الغرق في الكتب والأبحاث والدراسات الدولية، يجعل من الأسماء والأشخاص بالنسبة إليك مجرد أحداث تكون مهمة أحياناً بأهمية النتائج التي تولدها، السلبية منها والإيجابية، وأقل أهمية أو منعدمة، وفقاً للمعايير نفسها.
أمام التجربة اللبنانية وفشل الطبقة السياسية، وسقوطها المدوي، وانهيار إمبراطوريات مالية وسياسية، بسبب سوء الإدارة، وصعود نجم سياسي عصامي مستقل، يقوم برنامجه على مؤسسة العمل السياسي والاجتماعي، ليشكل حالة نموذجية، لو عُممت على كافة المناطق اللبنانية، لشكلت رافعة إنقاذ للوطن والمجتمع معاً، بدلاً من التلهي في البكاء والنحيب، والتحجج بغياب الدولة وضعف قدراتها طبعاً بعد نهب مقدراتها.
حسن مراد.. تجربة، وليس شخصًا
لبنانيًّا من صلب العروبة، ومدنيًّا من صلب التديّن، فلا طغت عروبيته الحقة على لبنانيته الأصيلة المتجذرة في جبال البقاع وسهله، ولا شكّل له الدين -وهو المتمسك بالعقائد لا يساوم- عائقاً للتواصل مع الآخر، على قاعدة التمسك لا التعصب، الالتزام لا التطرف، الهوية والانفتاح، فلا مساومة معه على المبادئ -لا الدينية منها ولا الوطنية والسياسية- وهنا مكمن الهوية، ولا تطرف في الممارسة ولا التعاطي مع الآخر وهنا الانفتاح.
لم يتلهَّ بالصفقات ولا المناصب والتحاصصات، ولو كان للوزارات معاييرها كما يدّعون لكان الوزير الملك، في التربية والتعليم والإدارة والاقتصاد ومجالات كثيرة أثبت براعته فيها، وأكد نجاحاته باليقين والعين المجردة، مداميكُ تُبنى وأخرى تُفتتح، كل شهر كما وعد ووفى، من الصروح الدينية والاجتماعية إلى الصحية والرياضية، فالإعلامية والتربوية وكلها واقعٌ له اسم وهوية وعنوان، وليس مجرد وعود انتخابية وتمتمة شفاهية وجعجعة بلا طحين، كما اعتاد الساسة والمواطنون، في بلد كثرت فيه الثرثرة والأقوال، وقل فيها الرجال والأفعال.
بدون التزلف للخارج ولا محاربة طواحين الهواء وبيع الشعارات السياسية والدينية في الداخل، بل بالإنجاز ووحده الإنجاز والالتزام، منفرداً مستقلاً حراً سيدا لقراره أثبت نفسه الرقم الصعب في المعادلة السياسية والوطنية، وهو اليوم على عتبة الانقال من الفردية إلى المؤسسة لأنه المؤمن بأن المؤسسات هي التي تدوم والأشخاص إلى زوال، والمؤمن أيضا، بأن الوطن القوي يكون بالإنسان القوي والمجتمع القوي، لذلك بدأ البناء من القاعدة، ليكون البناء متينًا.
حسن مراد اليوم قدوة ونموذج وضمير، قدوة لكل رجال الشأن العام لمن أراد منهم الاقتداء، والتعلم كيف لرجل أن يبني مجتمعًا متكاملاً، وضميرًا لتأنيب كل من تسلق على ظهر الوعود ونام نومة أهل الكهف يوم وصل، حسن مراد هو النموذج الحي والعملي والواقعي الذي جسد ما جاء في الكتاب عن متى الإنجيليّ في مثل الوزنات الذي ضاعف ما أعطي له، واستثمر الوزنات بالإنسان وبنى له ولغيره، ولم ينم عليها حتى أضاعها، وهو حتما من السامعين يوم الاستحقاق يوم الامتحان والحساب، بصوت العلي القدير، "نعمّا الرجل الصالح، كنتَ أميناً في القليل، فأقيمك على الكثير".