حمل التطبيق

      اخر الاخبار  بدء جلسة التحقيق مع هنيبعل القذافي في مكتب القاضي زاهر حماده بحضور ثلاثة محامين عنه بينهم فرنسي   /   ‏رويترز: الحاكم العسكري لمدغشقر يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للبلاد   /   مسيّرة معادية تحلق على علو منخفض فوق صور وقرى القضاء   /   رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية: مسألة صواريخ توماهوك كانت موضع نقاش خلال المحادثة الهاتفية بين بوتين وترامب   /   رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي: موسكو ستعتبر إمداد أوكرانيا المحتمل بصواريخ توماهوك خطوة عدائية   /   حركة المرور كثيفة على اوتوستراد الرئيس لحود باتجاه جسر ‎الكرنتينا   /   الجديد: وصول هنيبعل القذافي إلى قصر عدل بيروت للمثول أمام القاضي زاهر حمادة   /   الخارجية الإيرانية: ندين خروقات إسرائيل المتكررة لوقف إطلاق النار في ‎لبنان   /   ‏الكرملين: بوتين عقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي بعد مكالمته مع ترامب   /   محلّقة مُعادية تلقي قنبلة صوتية باتجاه منطقة قطعة الزيتونة في بليدا من دون وقوع ٳصابات   /   ‏قوة معادية توغلت فجرًا باتجاه منطقة السلطانة عند أطراف يارون وعمدت إلى نسف أحد الأبنية   /   الرئيس نواف سلام يغادر قصر بعبدا   /   حريق داخل بورة لجمع الخردة في بلدة خيزران   /   القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 35 طائرة مسيرة معادية من أصل 70 أطلقتها روسيا على أراضينا الليلة الماضية   /   الأونروا: جميع الأراضي الزراعية في غزة تقريبا مدمرة أو يتعذر الوصول إليها   /   ‏الخارجية المصرية: حماس لم تتراجع عن التزامها بتسليم جثامين الرهائن   /   ‏الخارجية المصرية: تسليم جثامين الرهائن من غزة يستغرق وقتا   /   الرئيس جوزيف عون يلتقي رئيس الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا   /   قيادة الجيش: تفجير ذخائر غير منفجرة في بليدا ومارون الراس ما بين الساعة 9.00 والساعة 11.00   /   ‏مسؤول روسي: الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يعرقلون أي تسوية في أوكرانيا   /   ‏رئيس وزراء المجر: اجتماع ترامب- بوتين في المجر سيتركز حول السلام   /   ‏رئيس وزراء المجر: على أوروبا أن تفتح قناتها الدبلوماسية الخاصة تجاه روسيا   /   ‏هيئة البث الإسرائيلية: افتتاح مركز أميركي في إسرائيل لتنسيق وقف إطلاق النار بغزة اليوم   /   كاتس: أي محاولة لعبور الخط الأصفر بغزة ستقابل بإطلاق نار   /   ‏"العربية": وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بوضع إشارات عند الخط الأصفر بغزة   /   

العاداتُ اللبنانيّةُ تذوبُ تحتَ ضغطِ الأزمةِ الاقتصاديّة.. ما علاقةُ الذهب؟

تلقى أبرز الأخبار عبر :


ميرنا صابر - خاصّ الأفضل نيوز

 

في بلد يتقاطع فيه الاقتصاد مع الثقافة بشكل يومي، لم يعد ارتفاع أسعار الذهب في لبنان حدثًا ماليًا بحتًا، بل تحوّل إلى مؤشر على تبدّل أنماط العيش والسلوكيات الاجتماعيّة. 

 

فالمعدن الأصفر الذي تخطى في الأسابيع الأخيرة مستويات غير مسبوقة، حيث تجاوزت الأونصة عتبة الـ 4000 دولار وفق ما أظهرته بيانات الأسواق، بات يشكّل مرآة للاهتزازات النقدية والماليّة من جهة، ولقدرة اللبنانيين على إعادة صياغة عاداتهم الثقافيّة من جهة أخرى. هنا يظهر المشهد بوضوح: أزمة اقتصادية تضرب كل تفاصيل الحياة، وتفرض على الناس إعادة ابتكار طقوسهم وعلاقاتهم مع الاستهلاك والادخار والمناسبات.

 

ففي مجتمع طالما ارتبطت فيه المناسبات العائليّة بشراء الذهب كهدايا أو رمز للوجاهة، أصبح المشهد مختلفًا. العائلات التي كانت تفتخر بتقديم أطقم كاملة في الأعراس أو الأعياد، باتت تلجأ اليوم إلى شراء قطع صغيرة أو رمزية، وأحيانًا إلى بدائل غير تقليدية كالسلع الاستهلاكيّة أو الأجهزة الإلكترونيّة. حفلات الزفاف التي اشتهرت بفخامتها لم تعد تستوعب عشرات الضيوف كما في السابق، بل تقلّصت إلى لقاءات عائليّة مصغرة تكتفي بالحد الأدنى من المظاهر. حتى العادات البسيطة كتبادل الهدايا في الأعياد باتت تتم على أساس جماعي بين أفراد الأسرة لتخفيف الأعباء، ما يعكس تحولًا ثقافيًا عميقًا فرضته ضرورات الاقتصاد.

 

هذا التحول يوازيه أيضًا تغيّر في السلوك الاستهلاكي اليومي. اللبناني الذي كان يشتري كميات كبيرة للتخزين أصبح اليوم يلجأ إلى شراء بالكيلوغرامات القليلة أو القطع المفردة بحسب الحاجة. الإصلاح حلّ مكان الاستبدال، فالأجهزة الكهربائية أو الأثاث لا يُرمى بسهولة بل يُصلّح مرارًا.

 

الأسواق المحليّة والمنتجات اليدوية استعادت حضورها بعدما كان المستهلك يلهث وراء العلامات الأجنبيّة، والسبب ليس مجرد حنين إلى التراث، بل معادلة اقتصادية قاسيّة تفرض خفض الكلفة أينما أمكن. حتى مفهوم المشاركة بدأ يتسع، سواء باستعارة الأدوات بين الجيران أو باستخدام منصات رقميّة لتقاسم الموارد.

 

على المستوى المالي، يلاحظ أن الأولويات أعيد ترتيبها. جزء كبير من العائلات بات يفضّل تسديد الديون أولًا قبل أي إنفاق آخر، بينما ظهر ميل لتسييل الأصول الصغيرة بدل المجازفة في استثمارات كبيرة. الوعي تجاه تنويع وسائل الادخار ازداد، فإلى جانب الذهب والدولار ظهرت خيارات مثل شراء قطعة أرض صغيرة أو الدخول في مشاريع إنتاجيّة محليّة لتأمين مصدر دخل إضافي. لكن المفارقة أن ارتفاع الذهب نفسه شكّل معضلة: هل يشترونه كملاذ آمن أم يتجنبونه خوفًا من تصحيح مفاجئ؟ هنا جاءت تصريحات عدد من الخبراء لتشير، كما أوضح الاقتصادي أنيس أبو دياب، إلى أنّ الذهب اليوم ملاذ مؤقت وليس ضمانة مطلقة، وأن التسرع في اقتنائه قد يرهق الأسر أكثر بدل أن يحميها.

 

البعد الثقافي يتجلى أيضًا في القيم والمفاهيم. ما كان يُعتبر مظهريًا أو ضروريًا للحفاظ على "المكانة الاجتماعيّة" بدأ يتراجع لصالح قيم أبسط: البساطة مقبولة أكثر، والتبذير بات عيبًا في زمن الحاجة. حتى الأجيال الشابة صارت تنخرط في نقاشات ماليّة يوميّة داخل البيوت، في محاولة لتعلّم فنون الادخار والاستثمار. لكن هذه التحولات ليست دائمًا سلسة، فهي تكشف أيضًا عن توترات بين جيل اعتاد على الوفرة والمظاهر، وجيل جديد مضطر للتقشف والابتكار.

 

هكذا يصبح الذهب، في لبنان اليوم، أكثر من مجرد معدن يتقلب سعره. هو معيار اقتصادي يكشف عمق الأزمة، وهو في الوقت نفسه عنصر ضاغط يعيد تشكيل العادات الثقافية والخيارات الفردية والجماعية. 

 

وفي ظل استمرار الغموض حيال مصير الليرة ومحدودية الإصلاحات، تبقى هذه التغييرات بمثابة تكيف إجباري يضمن بقاء المجتمع على قيد الحياة ولو بأدوات جديدة، فيما تظل الأسئلة الكبرى مفتوحة: هل يشكل هذا التكيف انتقالًا دائمًا نحو ثقافة اقتصادية أكثر واقعية، أم أنّه مجرد مرحلة عابرة ستتبدد مع أي تحسن مفاجئ في الأوضاع؟