غدير عدنان نصر الدين - خاصّ الأفضل نيوز
بين المجوهرات المتنوعة من السَّلاسل، والخواتم، وأقراط الأذن، يحتار جزء كبير من الأبناء بكيفية تقدير "ست الحبايب" بعيد الأم، على الرغم من أنها لا تطلب من أبنائها معايدتها، إلا أن رمزية العيد تبقى مغروسة في قلوبهم، مما يجعلهم يقعون في حيرة عند انتقاء هدية تليق بها ورداً لجميلها، حيث يعتبر الذهب وتصميم القطع الخاصة الخيار الأول للكثيرين في عيد الأم...
فكما جرت العادة، يحتفل اللبنانيون في "الواحد والعشرين من شهر أذار" بعيد الأم وبداية فصل الربيع، إلا أن هذه السنة تسيطر على الأجواء موجة من التحسس، ليس تجاه التحولات المناخية التي ترافق هذا الفصل بل تجاه الارتفاع الملحوظ بأسعار سوق الذهب. ينتظر اللبنانيون هذا اليوم بعين الحذر خصوصاً بعدما حلَّق سعر غرام الذهب كما الأونصة، مما أثار قلق المستهلكين وأربك خططهم لشراء الذهب لأمهاتهم، مما يدفع البعض لإعادة التفكير في كيفية التعبير عن الامتنان في ظل هذه الظروف. فكيف يستقبل اللبنانيون عيد الأم هذه السنة؟
بدايةً، تجدر الإشارة أنَّ سعر غرام الذهب عيار ١٨ كان تقريباً ٦٠$ بينما ارتفع ليصل إلى ٧٠$، وكذلك الأمر سعر الأونصة كان 2600$، ارتفع ليصل إلى حدود الـ 3000$.
في عيد الأم... تفاوتٌ واضح بين طبقات المجتمع!
لا يمكن غض النظر أنَّ هديّة الذهب أصبحت حكراً على الطبقة الوسطى التي باتت شبه موجودة في المجتمع، والطبقة الميسورة ماديَّاً. أمَّا في ما يخص الطبقة الفقيرة، تُحاول الاحتفال بعيد الأم بأقل تكلفة ممكنة، فطبعاً ليس بمقدورهم شراء الذهب مهما كان وزن وسعر القطعة، إذ يفضلون إضافة تلك الـ ٥٠$ أو الـ ٦٠$-والذي يعتبر أقل من سعر الغرام الواحد من الذهب- على مصروف المنزل بالأخص أن عيد الأم هذه السنة جاء خلال شهر رمضان وفي ظل أزمة اقتصادية صعبة وغلاء أسعار فاحش وبعد الحرب التي أثرت بطريقة أو بأخرى على أغلب المواطنين بالأخص الطبقة الفقيرة.
فكيف تحتفل الطبقة المستورة/الفقيرة بعيد الأم؟
أشار المواطن أ.ب للأفضل نيوز، أن الهدية للوالدة باتت تقتصر على وردة واحدة بدلاً من الباقة وعلى قالب الحلوى المنزلي وذلك توفيراً للمال، مؤكداً أنّ والدتهم تُصر على عدم شراء شيئا لها ودائما ما تردد "طالما أنتم بجانبي وبخير هيدا أجمل عيد". أما النسبة إلى هدية الذهب، فسَّر أ.ب أن المبلغ الذي سيدفعونه مقابل سواره رفيعة أي بوزن خفيف يفضلون أن يضيفوه على أجار البيت. ففعلاً بين الطبقة الغنية والفقيرة، كلٌ يحتفل بعيد الأم على طريقته.
يارا شكرون: تصاميم ذهبية في عيد الأم تُواجه تحديات القدرة الشرائية
في سياق متصل، أوضحت مصممة الذهب، يارا شكرون، في حديثٍ لـ "الأفضل نيوز"، أنَّ المفهوم الذي يربط هدايا عيد الأم بالذهب لا يزال موجوداً ولم يقل حتى مع ارتفاع سعره، شارحةً أنه رغم قفز أسعار سوق الذهب لم يؤثر ذلك على عدد توصيات القطع الذهبية، لكن القدرة الشرائية قد انخفضت، وعلى سبيل المثال، أشارت شكرون أن الزبون الذي كان في عيد الأم يشتري بمبلغ وقدره ٤٠٠$ ثلاث أو أربع غرامات من الذهب بات يشتري عدد غرامات أقل بسبب غلاء الأسعار، مؤكدة أن الإقبال على الشراء لا يزال هو نفسه عند الكثيرين لكن القدرة الشرائية انخفضت... وفي مباردةٍ منها ومراعاةً لأوضاع المواطنين، أوضحت شكرون أنهم للمرة الأولى وفروا تصاميم لعيد الأم بأوزان خفيفة، وسمحت الـ customization بأوزان رقيقة بسعر يصل إلى ٧٠$ أو ٨٠$.
علاوةً عما ورد سابقاً، في ما يخص التفاوت بين الطبقات، أكدت المصممة يارا شكرون أن الأشخاص الذين حافظوا على قيمتهم الشرائية نفسها هم الأشخاص "المرتاحون مادياً"، الذين يشترون بمبالغ كبيرة تصل إلى ٤٠٠٠$ أو ٦٠٠٠$ أي لا يتأثرون بارتفاع سعر غرام الذهب ١٠$ أو ٢٠$، ونسبة هؤلاء الأشخاص لا تتعدى الـ ٢٠%، أما الأشخاص الذين يشترون ذهب بقيمة رمزية، بمبلغ ١٠٠$ مثلاً، ما يقارب الغرام أو أقل، بالطبع سيتأثرون بارتفاع سعر الغرام، و من الطبيعي أن يقارنوا أسعار الغرام بين المحال ويختاروا الأنسب لهم، لذلك أصبحت محال الذهب تلجأ لتقديم العروض خصوصاً في عيد الأم مثلاً مع أي قطعة من المحل ستحصل على بوكيه ورد مجاناً. كما أشارت شكرون إلى أن ٩٠% من المواطنين يلجؤون إلى بيع الذهب لدواعي مادية خصوصاً بعد الحرب.
حميدة وهبي: استثمار الذهب مكسب مضمون والشائعات أداة تسويقية
من جهتها، فسَّرت مصممة الذهب، حميدة وهبي، في مقابلةٍ مع الأفضل نيوز أنَّ الاحتفاظ بالذهب وعدم بيعه على المدى البعيد هو ربح ومكسب للزبون لأنه يُعد من الأصول "assets"، مؤكدةً أن في نهاية المطاف الذي يشتري الذهب هو المُستفيد لأن قيمة الذهب ترتفع مع الوقت. أما في ما يخص بيع الذهب فهو يعتمد على سبب البيع لتحديد إن كان الزبون يخسر أو يكسب. وقدمت وهبي معادلة توضح أنه إذا قام الزبون بشراء الذهب بسعر معين، ثم ارتفع السعر وباع ما اشتراه مقابل مبلغ بالدولار، فإن الاحتفاظ بهذه الأموال دون استثمارها سيؤدي إلى خسارة قيمتها مع مرور الوقت، إلا إذا كان قد باع الذهب ليشتري عقارًا أو أصول أخرى، بهذه الحالة لا تُعتبر خسارة.
وبشأن الشائعات حول الذهب المغشوش، خصوصاً قبل عيد الأم، أشارت مصممة الذهب حميدة وهبي إلى أن هذه الشائعات قد تكون وسيلة تسويقية يلجأ إليها بعض أصحاب المحال لجذب الزبائن، وزرع الشك تجاه المنافسين لتشجيع العملاء على الشعور بالأمان عند التعامل معهم. وأضافت أن مصادر الذهب في السوق معروفة، وأن "جمعية تجار الذهب" تحمي حقوق المواطنين طالما يحتفظون بفاتورة الشراء، مؤكدةً على أهمية الاحتفاظ بالفاتورة لضمان حق الزبون.
كما حميدة بأهمية الاستثمار في الذهب، ووافقتها شكرون، مشيرةً إلى أنه عند البيع يجب الحفاظ على أكبر وزن ممكن وعدم بيع إلا ما يلزم لتلبية الحاجة.
يارا وحميدة: بين الأمومة وإلهام تصميم المجوهرات!
من المُلفِت القول أنَّ المُصممتين يارا شكرون وحميدة وهبي استطاعتا أن تتركا بصمتهما الخاصة في عالم صناعة المُجوهرات، وأصبحتا مثالاً للأم العاملة، النَّاجحة والمُلهمة لمن حولها. فـ "يارا" اكتشفت شغفها بتصميم المجوهرات حينما نزلت إلى سوق العمل إلى جانب والدها أحد أكبر تُجار الذهب، لكن رُغم هذا ثابرت وفتحت محلها الخاص بدعمٍ من نفسها فقط حتى أصبحت أول فتاة و "أم" في مدينة النبطية تمتلك محلاً لبيع وتصميم الذهب…. أمّا في ما يُخص المصممة حميدة وهبي، التي بدأت من تصميم قطع خاصة لها في محل مجوهرات العائلة والتي نالت إعجاب من حولها، حوّلت شغفها والهامها إلى حقيقة متأثرةً بالحضارة العربية والإسلامية، والأحجار الكريمة وتفاصيل أخرى حولها، وكما قالت "الفنَّان يرى ما لا يراه الناس"…!
فالأم ليست إنساناً عادياًّ إنما ركيزة أساسيَّة لبناء المُجتمعات، منهن ربَّات منزل، مُعلِّمات، مُزارعات، مصممات ذهب ورائدات أعمال، يلهمن التغيير ويساهمن في نهضة المُجتمع بقوتهن وإبداعهن…