عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
هي ليست سوى منصات بدائية الصنع وصواريخ قديمة سقط بعضها في الأراضي اللبنانية واعترض العدو بعضها الآخر..
وهي عملية "لقيطة" لا أب معلنًا لها بعدما ظل منفذوها مجهولي الهوية حتى الآن، والأهم أن حزب الله نفى بالكامل مسؤوليته عنها في بيان رسمي أصدره، مجددًا تأكيد التزامه باتفاق وقف إطلاق النار..
ومع ذلك، استغل الاحتلال الإسرائيلي الواقعة الغامضة ليشن موجة واسعة من الغارات التي استهدفت مناطق عدة في الجنوب والبقاع، بالترافق مع التلويح بمعادلة جديدة قوامها: بيروت في مقابل المطلة!
وقد أعاد نمط الغارات الأخيرة تظهير صور الحرب الواسعة التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان، قبل أن تتوقف على زغل بموجب اتفاق هش لوقف إطلاق النار، لم تحترمه تل أبيب في أي وقت، بل راحت منذ اللحظات الأولى لولادته تمعن في خرقه حتى تجاوز عدد الخروقات ال1500.
ومن الواضح أن تل أبيب التي لا تحتاج أساسا إلى ذرائع للاعتداء وانتهاك السيادة الوطنية، وجدت في عملية إطلاق الصواريخ "شحمة على فطيرة" وفرصة أخرى بغية خدمة أجندتها المقررة سلفا للبنان، والتي ترمي أهدافها الاستراتيجية الى إخضاعه ودفعه نحو التطبيع معها في نهاية المطاف بعد تقليم أظافره.
ومع أن العدو يعرف جيدًا في قرارة نفسه بأن الحزب ليس مسؤولا عن محاولة قصف المطلة، إلا أنه أراد توظيف الصواريخ "المريبة" لزيادة الضغط على الدولة اللبنانية وحزب الله من أجل فرض تفسيره لاتفاق وقف إطلاق النار والدفع نحو نزع سلاح المقاومة في شمال الليطاني، تحت طائلة التهديد بتجديد العدوان الواسع، مستفيدًا في هذا الإطار من دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجنوحه الواضح نحو نظرية فرض السلام بالقوة.
وبهذا المعنى، يرمي الاحتلال عبر زيادة الضغط العسكري والتهويل بالمزيد، الى تحريض الدولة على اتخاذ إجراءات "زجرية" ضد الحزب في جنوب الليطاني وشماله، مع ما يضمره هذا التحريض من تهديد للاستقرار الداخلي وكأن العدو يسعى الى تحقيق أمنه على حساب السلم الأهلي اللبناني، وهو الأمر الذي يتنبه إليه الحزب ويصر على تفاديه، كما أوحى من خلال بيانه الذي أكد فيه وقوفه خلف الدولة اللبنانية في معالجة التصعيد الصهيوني الخطير ضد لبنان.
كذلك، يفترض الكيان الإسرائيلي أن واقعة إطلاق الصواريخ على المطلة من شأنها أن تبرر أمام المجتمع الدولي ولجنة المراقبة، استمرار احتلال التلال اللبنانية الخمس ومحيطها بغية ضمان حماية مستوطنات الشمال من المخاطر الأمنية، في حين أن ما حصل يثبت عكس هذه الفرضية، إذ تبين أن مواصلة احتلال جزء من الأرض الجنوبية المتاخمة للحدود لا تحقق الأمن للمستوطنات وسكانها، وما تعرضت له المطلة هو أكبر دليل على ذلك.
ولعل الأخطر في ما يجري هو تعالي بعض الأصوات اللبنانية النافرة التي تعطي المبررات والمسوغات للتصعيد الإسرائيلي عبر اتهام حزب الله بالتنصل من موجبات اتفاق وقف إطلاق النار والقرار الدولي 1701، متجاهلة في المقابل سيل الانتهاكات الإسرائيلية لهما، الأمر الذي يشجع الكيان على الإمعان في اعتداءاته مستفيدًا من الغطاء الذي تعطيه إياه تلك الأصوات المغردة خارج سرب المصلحة العليا.