كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
بعد تصدّر لبنان قائمة الدول العربيّة في معدّل الذكاء لعام 2025، جاءت نتائج مؤشّر السّعادة العالمي "غير صادمة" لتُذكّرنا بالواقع المرير الذي نعيشه. ففي وقتٍ تربّعت فيه الإمارات على عرش قائمة الدول العربيّة الأكثر سعادة، حلّ لبنان في المرتبة الأخيرة.
"ليست مُفارقة غريبة أن تكون مستويات السعادة مُنخفضة في لبنان، لأنّ الـ well being متدنٍّ"، يقول الأستاذ المتخصّص بعلم النّفس السياسي الدكتور رمزي أبو اسماعيل.
ويشرح في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز": "ثمّة علاقة مباشرة بين السّعادة وما يُعرف بالـwell being وهو تعريف يجمع بين الرفاهية والأمن الاجتماعي والأمن الصحي والأمن الغذائي والصحة النفسيّة والجسديّة.. أي مجموعة الأفكار التي من خلالها يقيّم الإنسان مستوى عيشه وحياته"، لافتاً إلى أنّه من الصّعب جدًّا أن يكون الفرد سعيداً إذا لم تُلبَّ حاجاته الأساسيّة سواء النفسيّة أو الجسديّة".
هذا ويفتخر البعض بأنّنا "أسعد شعب مكتئب في العالم"، مستخدماً العبارة الشّهيرة Lebanese- the Happiest Depressed People in the World، في ما يعتبره أبو اسماعيل "تسويقاً رومانسيًّا مرضيًّا في مسعى لتبرير واقع معاناتنا من حالة عدم استقرار مرضيّ".
ويُضيف: "عدم الاستقرار المرضيّ ينتج عنه الإجهاد المُزمن أو ما يُعرف بالـ chronic stress، كشكلٍ من أشكال الأزمات النفسيّة مع عوارض نفس-جسديّة، بحيث يُصبح الفرد بحاجةٍ إلى أدوية مُهدّئة، مع اضطرابات في النّوم، كما قد يلجأ إلى شرب الكحول لمُحاولة نسيان ما يمرّ به"، لافتاً إلى أنّ "هذه الحالة تجعل الإنسان يشعر بأنّ حياته وصحّته في خطرٍ دائم".
ووفق أبو اسماعيل، "السّعادة شعورٌ بأنّني أحقّق ذاتي ولديّ باقة من المشاعر الإيجابيّة تُعزّز الإحساس بأنّني مُكتفٍ ولا أحتاج إلى شيء". ويُتابع: "مَن منّا أهدافه واضحة والخطط الزمنيّة لتحقيق هذه الأهداف معروفة؟ هل مستقبلنا آمن ولا أخاف على أنفسنا أو على المقرّبين؟".
أسئلةٌ لا تحتاج إلى أجوبة، وهي قليلة نوعاً ما بالنّسبة لِما نعيشه في تفاصيل حياتنا اليوميّة. وهذا ما يعتبره أبو اسماعيل دليلاً واضحاً على أنّ "الصحّة النفسيّة للبنانيّين سيّئة والجسديّة أيضاً، خصوصاً بعد تعرّضنا لنكساتٍ في الاستشفاء والدواء والتأمين الصحي. كما أنّ المواطن لا يزور الطّبيب إلا إذا اضطرّ لذلك ما يجعل الأمن الصحي غير موجود، بالإضافة إلى الأزمات في الأمن الغذائي، الذي يتجلّى في الخوف الدائم من انقطاع المواد الغذائيّة مع كلّ أزمة. ولا ننسى أيضاً موضوع البنزين والمحروقات والطّوابير على المحطّات عندما تحصل أيّ مشكلة في البلد. كذلك، نخاف على السّلم الأهلي والعيش المشترك كلّما يقع إشكالٌ بسيط، ما يؤكّد أنّ الأمن الاجتماعي أيضاً شبه غائب".
وبالعودة إلى مؤشر السعادة العالمي، حدّد الباحثون عدداً من العوامل الرئيسيّة التي تساهم في سعادة الأفراد، من بينها الدّعم الاجتماعي والدّخل والحرّية الصحيّة ومدى انتشار الفساد. ويستند التقرير إلى بيانات استطلاع "غالوب" العالمي التي تمّ جمعها من أشخاص في أكثر من 140 دولة، حيث يتمّ تصنيف الدّول وفقاً لمستوى السعادة بناءً على متوسّط تقييمات الحياة خلال السنوات الثلاث السابقة وفي هذه الحالة من 2022 إلى 2024.
أين السّعادة في لبنان؟ "اقتصادٌ منهار، عملة منهارة، نسبة بطالة مُرتفعة، مداخيل متدنّية مع مصروف مرتفع، وبالتالي الأمن الاقتصادي سيّء". ويقول أبو اسماعيل: "إذا منسأل اللبناني كيف بتشوف حالك بعد 5 سنين؟ ما بيعرف. وسط ازدياد الرّغبة بالهجرة ومَن بقي في البلد يُحارب "بإيديه وبإجريه".