نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
رغم التحولات العميقة التي يشهدها القطاع المالي والمصرفي عالميًا، لا تزال بعض المصارف في لبنان رهينة الجمود الإداري، حيث يستمر رؤوساء مجالس الإدارات في مواقعهم لعقود، ما يطرح تساؤلات جدّية حول مستقبل هذه المؤسسات في ظل غياب وجوه جديدة وتجديد في الرؤية والتركيبة الإدارية.
في وقت باتت فيه الابتكارات المالية، والتحول الرقمي، ومتطلبات الشفافية والحوكمة السليمة، شروطًا أساسية للاستمرارية والتطور، تبدو بعض المصارف وكأنها تعيش في زمن آخر، تحكمها اعتبارات شخصية وعائلية، أكثر مما تحكمها اعتبارات الكفاءة والمصلحة العامة. من هنا، تطرح أسئلة كثيرة حول أثر الاستمرار الطويل في المناصب على اتخاذ القرار والتجديد ومستقبل المصارف اللبنانية وسط هذا الأمر؟!
تحت هذا العنوان، يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أنيس أبو دياب في حديثٍ ل "الأفضل نيوز" أنه "بدون أدنى شك أن رؤوساء مجالس الإدارات في القطاع المصرفي لن يتغيروا قبل إقرار قانون إصلاح القطاع المصرفي وانتظامه، بالإضافة إلى أنه لن يقر قبل أن تعرف المصارف "الخيط" الأبيض من "الخيط" الأسود وأيًا منها ستبقى وأيًا منها ستدمج وكيف ستتم عملية إعادة ودائع الزبائن، فجميعها مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً".
وفي سياقٍ متصل، يتابع: "عند إقرار قانون إصلاح القطاع المصرفي والقانون المرتبط بكيفية توزيع الخسائر لا يجب أن ننسى أنه هناك عملية ستعمل على إعادة توزيع الأسهم وستعيد حصص المساهمة، وبالتالي هذا سيؤدي حتماً إلى تغير في موازين الداخلية لكل مصرف، وربما هذا سيدفع إلى إعادة النظر في مجالس الإدارة، آخذين بعين الاعتبار أنه ثمة صعوبة لاستعادة الثقة في هذا القطاع في ظل استمرار نفس الوجوه. وما يجب أن يدركه الجميع أنه لا يمكن الاستمرار على هذا الشكل، خاصةً في إدارة جمعيات المصارف ومصارف أدت إلى انهيار كبير وما زال هذا الانهيار قائم حتى اليوم ولن تتغير هذه المجالس، مما يعني أن استعادة الثقة ستكون أصعب بكثير وطريق الوصول إليها سيكون شاق".
ووسط هذا الواقع، تقول مصادر اقتصادية مطلعة إن " التجديد القيادي في القطاع المصرفي اللبناني يعتبر ضرورة ملحة لضمان الشفافية والمساءلة عام 2025، وذلك لأسباب عديدة تتعلق بالأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بلبنان منذ أواخر العام 2019"، معتبرةً أن "الأسباب التي تجعل من التجديد ضرورة لا خياراً هي كثيرة، كاستعادة الثقة الشعبية بالمصارف بعد حجز أموالهم وغياب الشفافية، كما وأن التجديد يتيح الفرصة لإبعاد الأشخاص المتورطين أو المقصرين، ما يشكل خطوة نحو العدالة الاقتصادية. فلا يمكن الحديث عن إعادة هيكلة حقيقية بوجود نفس الأشخاص الذين كانوا في قلب الأزمة، فالتجديد يتيح تبني نماذج مصرفية جديدة تتماشى مع التحولات العالمية".
وتختم المصادر نفسها: " في ظل الحاجة لإعادة بناء لبنان على أسس شفافة واقتصاد سليم، فإن التجديد في القيادة المصرفية لم يعد مجرد مطلب إصلاحي، بل هو شرط مسبق لأي خطة تعافٍ اقتصادية مستدامة، ومن دون هذا التغيير، ستبقى الشفافية والمساءلة مجرد شعارات لا تُترجم على أرض الواقع".