محمد علوش -خاصّ الأفضل نيوز
في السياسة الأميركية، لا تمر التغييرات الإدارية في البيت الأبيض مرور الكرام، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمفاصل القرار المرتبطة بالأمن القومي والسياسة الخارجية. ومع عودة دونالد ترامب إلى المشهد التنفيذي، ولو بشكل غير مباشر، تبرز إعادة هيكلة داخل مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، في مشهد يعكس رغبة في تركيز القرار بيد مجموعة صغيرة من المقرّبين، بعيداً عن التوازنات المؤسساتية التقليدية.
فهل بدأ تغيير "عدد المئة يوم" لترامب؟
وهل نحن أمام ملامح مرحلة جديدة في التعامل مع الملفات الدولية، وعلى رأسها ملفات الشرق الأوسط ولبنان؟
بعد مغادرة مستشار الأمن القومي مايك والتز، وتسلم وزير الخارجية ماركو روبيو مؤقتاً هذه المهمة، مؤشر إلى أن ترامب يسعى لتحويل موقع القرار إلى "حلقة ضيقة" من الموثوقين، وهذه التغييرات بدأت تطال أيضاً شخصيات عملت على ملفات المنطقة من إيران، مروراً بسوريا بعد تعيين توم باراك مسؤولاً عن ملف سوريا، وصولاً إلى لبنان من خلال الحديث عن تبديل مورغان أورتاغوس.
رغم أن هذه الإقالات لم تُفسّر رسمياً كعقوبات على مواقف سياسية، إلا أنها تطرح تساؤلات حول ما إذا كان خروج مورغان أورتاغوس، يضيف إلى مشهد التغيير في فريق ترامب المستقبلي إشارات قوية على التحوّل، أم أنه تبديلٌ في الأسماء فقط دون تغيير سياسي.
بحسب مصادر سياسية بارزة فإن تغيير مورغان أورتاغوس ليس مجرد خطوة إدارية روتينية، بل يحمل دلالات سياسية واضحة، خاصة في هذا التوقيت الذي يشهد تراكماً للأزمات في لبنان، إلى جانب تحولات أكبر في مقاربة واشنطن للمنطقة، فالمرأة هي شخصية ذات طابع هجومي في السياسة الخارجية الأميركية، عُرفت بمواقفها الصلبة تجاه إيران وحزب الله، وبعلاقاتها الوثيقة بالمؤسسات الأمنية والدبلوماسية في إسرائيل، وأدّت أدوارًا مباشرة شملت اللقاءات السياسية والمواقف الضاغطة تجاه الطبقة الحاكمة اللبنانية، وخاصة تجاه حزب الله.
من هنا تتحدث المصادر عبر "الأفضل نيوز" عن أسباب محتملة للتغيير، أبرزها تبدل في أولويات الإدارة الأميركية بحيث قد يُقرأ استبعاد أورتاغوس على أنه تراجع عن أسلوب المواجهة الإعلامية العلنية، لصالح إدارة ملفات المنطقة عبر قنوات أكثر هدوءًا وسرية، خصوصاً مع الانفتاح على التفاوض مع إيران.
وتضيف المصادر: "كذلك يمكن قراءتها من خلال التصويب على ملف إعادة ترتيب الأولويات داخل مجلس الأمن القومي والخارجية الأميركية، إذ إن تغيير أورتاغوس، بحال حصل، جاء متزامناً مع تغييرات أخرى، ما يشير إلى نمط هيكلي في إعادة ترتيب الصفوف، وليس إلى أداء فردي أو تقصير، أي أن الإدارة تعيد تموضعها إزاء ملفات كبرى، منها الملف اللبناني".
لا شكّ أن أورتاغوس كانت من الأصوات التي تدفع نحو الضغط الفوري، واستخدام أدوات كالعقوبات، والتصريحات الصدامية، وبالتالي خروجها قد يخفف من هذا الزخم، ويجعل الملف اللبناني أقل أولوية أو أقل ضغطاً حالياً، مع الإشارة إلى أن واشنطن بدأت تخفض انخراطها المباشر في الملفات المعقدة التي لا تعود عليها بعوائد استراتيجية، وربما تنتقل تدريجيًا إلى سياسة إدارة النزاعات عن بعد، وتوكيل الحلفاء الإقليميين بالضغط أو التدخل، ولكن لا يجب أن نستبعد احتمال أن يكون تغيير الأشخاص غير مرتبط إطلاقاً بتغيير مضمون السياسة الأميركية في لبنان، وهذا كله سيظهر أكثر خلال الأسابيع القليلة المقبلة.