حمل التطبيق

      اخر الاخبار  وكالة نورنيوز عن الرئيس الإيراني: طهران لن تنتهك وقف إطلاق النار إلا إذا فعلت إسرائيل ذلك   /   الحكومة الإيرانية: سنبدأ إعادة بناء المساكن والمنشآت المتضررة بضربات إسرائيل   /   الحكومة الإيرانية: سنبدأ إعادة بناء المساكن والمنشآت المتضررة بضربات إسرائيل   /   رئيس دولة الإمارات والرئيس الإيراني يبحثان في اتصال هاتفي المستجدات في المنطقة   /   إعلام عبري: قيادة الجبهة الداخلية توصي وزارة الدفاع برفع كافة القيود ابتداءً من الغد   /   وزيرة المواصلات الإسرائيلية: سنعيد فتح مطار بن غوريون بالكامل استنادا إلى تنسيق أمني   /   الخارجية الفرنسية: ندين القصف الإسرائيلي الذي استهدف أمس مدنيين في مركز لتوزيع المساعدات بغزة وأسفر عن قتلى وجرحى   /   الخارجية الفرنسية: ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى السماح بدخول المساعدات إلى غزة فورا وبكميات هائلة ودون عوائق   /   ترامب: تستطيع الصين الاستمرار في شراء النفط من إيران   /   زعيم المعارضة الإسرائيلية: نطالب باتفاق يضمن عدم امتلاك إيران سلاحا نوويا ونعيد الرهائن وننهي الحرب في غزة   /   وزير خارجية الصين: بكين تدعم إنجاز وقف إطلاق نار حقيقي بين إسرائيل وإيران   /   وزير الخارجية الصيني: بكين تدعم إيران في حماية سيادتها الوطنية وأمنها   /   وزير الخارجية الصيني: ندعم تهدئة الوضع في الشرق الأوسط   /   الديوان الأميري القطري: الرئيس الإيراني أكد أن دولة قطر وشعبها لم يكونا المستهدفين من الهجوم   /   الديوان الأميري القطري: الرئيس الإيراني أعرب عن أسفه لأمير قطر عما تسبب به الهجوم على قاعدة العديد من أضرار   /   الديوان الأميري القطري: الرئيس الإيراني أكد لأمير قطر أن دولة قطر ستظل دولة جوار مسلمة وشقيقة   /   الديوان الأميري القطري: أمير قطر شدد على أن الدوحة كانت دائما من دعاة الحوار مع إيران   /   الديوان الأميري القطري: أمير قطر اعتبر في اتصال مع الرئيس الإيراني أنّ القصف يتنافى تمامًا مع حسن الجوار والعلاقات الوثيقة بين البلدين   /   غوتيريش: أرحب بإعلان الرئيس ‎ترامب وقف إطلاق النار بين ‎إسرائيل و ‎إيران وأحث البلدين على احترامه   /   ترامب: الصينيون سيشترون كثيرًا من النفط من الولايات المتحدة أيضًا   /   كنعان: ستتم دعوة المرجعيات المالية من وزارة المال وحاكم مصرف لبنان وهيئات اقتصادية وعمالية لجلسة لتحديد مؤشرات الوضع المالي والاقتصادي   /   ترامب: يمكن للصين الآن مواصلة شراء النفط من إيران   /   ‏الخارجية العراقية ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل   /   الرئيس الإيراني: الكيان الصهيوني عجز عن تحقيق أهداف عدوانه على إيران   /   الرئيس الإيراني: الكيان الصهيوني وداعموه كانوا يعولون على إثارة استياء الشعب الإيراني   /   

إلغاء مهمة اليونيفيل: نحو جنوبٍ بلا مظلة دولية !

تلقى أبرز الأخبار عبر :


إلياس المرّ - خاصّ الأفضل نيوز

 

في تصريح لافت صدر عبر الإعلام الإسرائيلي، جرى الكشف عن توافق أميركي إسرائيلي على إنهاء مهمة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل). هذا الإعلان، وإن بدا أوليًا وكأنه مجرّد موقف إعلامي أو تسريب اعتيادي، إلا أنه يعكس تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا في النظرة الدولية إلى الواقع الأمني والسياسي في جنوب لبنان، ويطرح جملة من التساؤلات حول التوقيت والأهداف والنتائج المحتملة لمثل هذا القرار، في لحظة إقليمية مشحونة بالمواجهات المفتوحة والسيناريوهات المتأرجحة بين الحرب والتسوية.

 

لطالما شكّلت اليونيفيل منذ عام 1978، وبخاصة بعد تعديل تفويضها في أعقاب حرب تموز 2006 بموجب القرار 1701، صمّام أمان نسبيًّا في الجنوب اللبناني، ليس بفعل قدرتها الفعلية على منع الأعمال العدائية، بل بفعل رمزيتها الدولية التي تمثل حضورًا أمميًا يضبط إيقاع التوتر، ويُدخل العامل الدبلوماسي في حسابات أي تصعيد. غير أن إسرائيل، ومنذ سنوات، عبّرت مرارًا عن امتعاضها من أداء اليونيفيل، متهمة إياها بالعجز عن كبح نشاط حزب الله، وبغض الطرف عن أنشطته الاستخباراتية والعسكرية في القرى الجنوبية، أو حتى عن رصد الأنفاق التي تقول تل أبيب إن الحزب يحفرها باتجاه الداخل الإسرائيلي. من جهة واشنطن، فإن مقاربتها لمسألة قوات حفظ السلام باتت تميل إلى تقليص الأعباء المالية والعملياتية للمنظمات الدولية التي لا تخدم بشكل مباشر أهداف الأمن القومي الأميركي أو أجندة حلفائها.

 

الموافقة الأميركية على إنهاء مهمة اليونيفيل تعكس بالتالي تقاطعًا بين الرؤية الإسرائيلية التي ترى في البعثة الأممية عائقًا شكليًا لا قيمة له، وبين نزعة أميركية متزايدة لتقليص الانخراط الأممي في ساحات النزاع، ما لم يكن هذا الانخراط أداة مباشرة للضغط السياسي أو العسكري. لكن هذا التوافق لا يمكن قراءته فقط من زاوية الكلفة والفعالية، بل يجب أن يُفهم في سياق أوسع، يتعلّق بتبدّل قواعد الاشتباك جنوب لبنان، ومحاولة إسرائيل الدفع نحو إعادة رسم البيئة الميدانية والسياسية استعدادًا لمواجهة محتملة مع حزب الله، في ظل استمرار التوتر على طول الخط الأزرق، منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023.

 

إنهاء وجود اليونيفيل، أو حتى تقليص حجمها وتعديل تفويضها، يعني فعليًا نزع الغطاء الدولي عن الجنوب اللبناني، وترك الدولة اللبنانية أمام معادلة صعبة: إمّا القبول بتحول حزب الله إلى القوة الوحيدة المتحكّمة بالحدود، أو الانخراط في صدام داخلي مكشوف لن تملك مؤسساته الدستورية أو الأمنية القدرة على تحمّل تبعاته. وهذا الوضع قد يُوظّف من قبل إسرائيل على أنه دليل إضافي على أن لبنان صار “رهينة إيرانية” بالكامل، ما يبرر – من منظورها – أي عملية عسكرية واسعة النطاق في الجنوب، تحت شعار “الحق في الدفاع عن النفس”، وبلا أي قيد أممي.

 

لا يمكن فصل هذا التطور عن السياق الجيوسياسي الأوسع. إذ إن الضربات المتتالية التي تتلقاها المنظمات الدولية العاملة في الشرق الأوسط، من الأونروا في فلسطين، إلى بعثات المراقبة في العراق وسوريا ولبنان، تعكس مقاربة أميركية – إسرائيلية جديدة تقوم على تقويض شرعية الأجسام الأممية التي لا تتماهى بالكامل مع السياسات الغربية. فاليونيفيل، رغم أنها لا تعارض فعليًا المصالح الأميركية، إلا أنها تمثل بالنسبة إلى إسرائيل عنصر إزعاج دبلوماسي، يحول دون شن هجمات ميدانية “نظيفة” من الناحية القانونية.

 

ثمّة بُعد فرنسي لا يمكن تجاهله هنا. ففرنسا كانت ولا تزال من أبرز المساهمين في قوات اليونيفيل، وترى في الجنوب اللبناني ساحة نفوذ تقليدي لها، تحاول عبره الحفاظ على دورها في المشرق، وإلغاء المهمة الأممية سيُضعف الحضور الفرنسي في لبنان، ويقوّض قدرة باريس على لعب دور الوسيط أو الضامن، في أي تسوية مستقبلية بين لبنان وإسرائيل، أو حتى في الملف الرئاسي اللبناني. وبالتالي، فإن هذا التوجه الأميركي – الإسرائيلي يحمل في طياته أيضًا رسالة أوروبية واضحة: إما أن تتماشوا مع مقاربتنا الأمنية، أو تُستبعدوا من الحسابات بالكامل.

 

من منظور حزب الله، فإن غياب اليونيفيل قد يُفسَّر على أنه مؤشر إلى قرب اندلاع مواجهة كبرى، ما يدفعه إلى رفع درجة الجهوزية والتمركز الاستباقي، وربما إلى تعزيز انتشاره في عمق الجنوب، بعيدًا عن أعين الرقابة الدولية، في ما يشبه الاستعداد النفسي والعسكري لـ “اليوم الكبير”. أما من منظور الدولة اللبنانية، فإن هذا القرار يُشكّل إنذارًا مبكرًا بانكشاف الساحة أمام الضغوط، ويفرض على مؤسساتها، ولا سيما الجيش ووزارة الخارجية، التحرك العاجل لحشد دعم دبلوماسي دولي يبقي على الحد الأدنى من الضمانات.

 

في الخلاصة، لا يمكن التعامل مع خبر إنهاء مهمة اليونيفيل بوصفه مجرّد تعديل في مهمة مراقبة، بل يجب فهمه كجزء من إعادة رسم المشهد الإقليمي برمّته، وكمؤشر إضافي إلى أن الجنوب اللبناني دخل مرحلة جديدة، لا مكان فيها للحياد الرمزي أو للضمانات الأممية. إننا أمام لحظة فارقة، تتطلب قراءة دقيقة ومتأنية، لأن أي خطأ في الحسابات قد يكلّف لبنان والمنطقة مواجهة واسعة النطاق، لن تقتصر تداعياتها على الخط الأزرق فقط، بل ستتردد أصداؤها في كل الاتجاهات.