عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
يحمل العدوان الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية دلالات شديدة الخطورة، بفعل حجمه الناري وسعة رقعته وآثاره التدميرية ورسائله السياسية، الأمر الذي استدعى ردًّا حازما من رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة ومجلس النواب وقيادة الجيش.
أما بالنسبة إلى حزب الله، فإن أوساطًا قريبة منه تعتبر أن العدوان الأخير على الضاحية يثبت من جديد أن كيان الاحتلال مستمر في استهدافه للبنان وسيادته بذرائع واهية، من دون أي مراعاة للقرارات الدولية ولاتفاق وقف إطلاق النار، وسط غطاء من الولايات المتحدة.
وتلفت الأوساط إلى أن العدوان الواسع على الضاحية يشكل انتهاكا فاضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار ولآلية تطبيق القرار 1701، والتي تلحظ اعتماد وسائل للتحقق والتثبّت من أي خروقات عبر اللجنة الضامنة للاتفاق.
وتشير الأوساط إلى أن العدو الإسرائيلي لم يحترم هذه الآلية بتاتا، بل اندفع فورا نحو التصعيد العسكري، قافزا فوق مساعي المعالجة الدبلوماسية، الأمر الذي يؤكد أنه كانت لديه نيات عدوانية مبيتة.
وتوضح الأوساط أن تل أبيب حدّدت النقاط المستهدفة مسبقًا، فبادر الجيش اللبناني وفق المهمة المناطة به إلى دخول الأبنية المهددة إلا أنه جرت اتصالات فرضت عليه المغادرة قبل أن يتحقق من مزاعم العدو الذي لجأ مباشرة إلى قصف تلك الأبنية ما يعكس إصراره على تنفيذ الاعتداء المخطَط له عن سابق تصور وتصميم، مستخدما لتبرير ذلك حججًا واهية ليست سوى قنبلة دخانية للتمويه.
ولا تفصل الأوساط بين الاعتداء العنيف على الضاحية وبين التخبط السياسي الذي يواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المعروف بأنه يسعى، عند كل مأزق داخلي، إلى تصدير أزمته نحو الخارج، بغية الهروب إلى الأمام، ولو تسبب ذلك في تهديد الاستقرار في المنطقة.
وتلفت الأوساط إلى أن هذا العدوان يحظى بمظلة كاملة من واشنطن التي تدعم تل أبيب على كل المستويات، سواء عبر الإمداد العسكري غير المحدود، أو عبر الاستخدام المتكرر للفيتو في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي فإن الإدارة الأميركية شريكة في العدوان على لبنان.
وتعتبر الأوساط القريبة من "الحزب" أن العدوان المتجدد ينطوي أيضا على انزعاج إسرائيلي من الموقف الرسمي اللبناني، ويندرج في إطار الضغط على الدولة بغية محاولة إخضاعها إلى المطالب الإسرائيلية.
وتبدي الأوساط ارتياحها إلى مواقف رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين أدانا بشدة الاعتداء على الضاحية الجنوبية، داعية إلى تسييل تلك المواقف المتقدمة إلى إجراءات عملية، من قبيل تفعيل التحرك الدبلوماسي، كالدعوة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي حتى يتحمل مسؤولياته في وقف العدوان.
وتستهجن الأوساط كيف أنه لم يصدر أي موقف عن وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي إزاء استهداف الضاحية على هذا النحو العنيف، ولو من باب الاستنكار الشكلي، علما أنه واحد من المعنيين الأساسيين بهذا الملف.
وتعتبر الأوساط أن الاعتداء الجديد، الذي أتى عشية عيد الأضحى المبارك، يؤكد أيضا أن من بين غايات العدو محاولة منع اللبنانيين من الاحتفال وترهيبهم، لإضعاف روحهم المعنوية وكسر إرادتهم، وهو ما لم ولن يتحقق.
وتنبه الأوساط بعض القوى السياسية إلى خطورة أن تلجأ إلى تبرير عدوانية الاحتلال وانتهاكه للسيادة، داعية الجميع إلى الترفع عن الانقسامات السياسية الجانبية لمواجهة الاعتداءات المتكررة، محذرة من أن الخطاب التحريضي المتواصل بأشكال مختلفة ضد حزب الله، إنما هو عامل مساعد ومسهل لتلك الاعتداءات، ومطالِبة أركان الدولة بضبط هذا الخطاب المتفلت الذي يتجاوز سقف حرية الرأي إلى تهديد الأمن القومي.