كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
قبل شهرين من التَّجديد السَّنوي للقوَّات الدوليَّة العاملة في جنوب الليطاني، سيكون سهلًا وعاديًّا كما كان يحصل كلّ سنة، عندما يتقدَّم لبنان بطلب التَّجديد، منذ صدور القرار 425 عن مجلس الأمن الدولي في آذار 1978، إثر الاجتياح الإسرائيلي للجنوب ووصوله إلى حدود نهر الليطاني، بذريعه طرد القوات المشتركة من الفصائل الفلسطينية والأحزاب الوطنية، لمنع سقوط صواريخ "كاتيوشا" من هذه المسافة، وإقامة "حزام أمني" في المنطقة سمي بـ "الشريط الحدودي".
ومنذ صدور القرار الدولي، منعت إسرائيل، الجيش اللبناني من الدخول، وأوقفته في منطقة كوكبا في قضاء حاصبيا، وسلمت المنطقة إلى رائد في الجيش اللبناني يدعى سعد حداد، لضبط الأمن في المنطقة تحت اسم "جيش لبنان الحر" (ميليشيا سعد حداد)، والذي لاقى دعمًا سياسيًّا من الفريق الانعزالي الذي انخرط في "الجبهة اللبنانية"، ولم يسحب العدو الإسرائيليّ قواته المحتلة، ولم يسمح للقوات الدولية بتنفيذ القرار 425، واستمر في اعتداءاته جنوب الليطاني، إلى أن قام بغزو لبنان في مطلع حزيران 1982، ووصل إلى بيروت وأخرج الفصائل الفلسطينية المسلحة منها، وأقام حكمًا تابعًا ومتعاونًا معه، بانتخاب بشير الجميل رئيسًا للجمهورية فاغتيل ليخلفه شقيقه أمين، ويعمل على ما كان متفقًا عليه مع حزب الكتائب، وهو توقيع معاهدة سلام بين لبنان والكيان الصهيوني، وهذا ما حصل في اتفاق 17 أيار، الذي أسقطته المقاومة الوطنية.
وبعد 43 عامًا، يعيد العدو الإسرائيليّ المحاولة من جديد، فهو لا يريد التجديد للقوات الدولية، وتدعمه الإدارة الأميركية، التي سبق لها، واقترحت أن توقف اللجنة العسكرية المشرفة على وقف إطلاق النار عملها، وتشكل ثلاث لجان بمهام دبلوماسية وسياسية، تتفاوض على تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي، والسير باتفاقات أبراهاما، وأعلن الموفد الرئاسي الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بأن على سوريا ولبنان، عقد اتفاقات مع العدو الإسرائيليّ.
من هنا، فإن أميركا قبل العدو الإسرائيلي، لا ترغب في التجديد للقوات الدولية، لأن وجودها غير مطلوب، إذا ما وقع لبنان وإسرائيل اتفاق سلام، وهذا ما نقلته مساعدة ويتكوف المندوبة مورغان أورتاغوس إلى لبنان، منذ انتدابها إليه، لكن المسؤولين اللبنانيين رفضوا هذا العرض، وإن لبنان متمسك باتفاقيات الهدنة الموقعة عام 1949.
فلبنان أمام أزمة سياسية - دبلوماسية، خلال الشهرين القادمين إذ تضغط إسرائيل عليه باعتداءاتها ليستسلم لها، على أن تقوم هي باستكمال تدمير سلاح "حزب الله" والقضاء على بنيته العسكرية، واغتيال قياداته ومسؤوليه، واستمرار أعمال القتل والتدمير، لدفع بيئة "حزب الله" إلى أن تنتفض ضده وتجبره على أن يرضخ للشروط الإسرائيليّة.
والغارة الأخيرة، وهي الرابعة على الضاحية الجنوبية، التي استهدف فيها العدو الإسرائيليّ مبانٍ سكنية، ادعى بأنها تضم مصانع ومخازن أسلحة ومسيرات، وهو لم يترك للجيش اللبناني أن يكشف عليها، فنفذ عدوانه، دون احترام للجنة العسكرية التي لم يصدر عنها ما يدين العدوان، وقد أبلغها الجيش اللُّبنانيِّ بأن لا وجود لسلاح، كما زعم جيش الاحتلال.
لذلك، فإنَّ العدوَّ الإسرائيليّ، يهدِّد لبنان بصيف ساخن، لجرِّه إلى السَّلام معه، على أن يتكفَّل هو بـ "حزب اللَّه" وسلاحه، ولا لزوم بعدها للقوّات الدوليَّة.