ليا منصور - خاص الأفضل نيوز
يصل المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت غدا في زيارة تكتسب أهمية نظرا لتزامنها مع مرحلة دقيقة سياسياً وأمنياً في لبنان. وستشمل لقاءاته كلا من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، إضافة إلى عدد من القيادات السياسية.
في مقدمة الأولويات الفرنسية، بحسب مصادر فرنسية، تثبيت وقف إطلاق النار الهش في الجنوب ، في ظل التوتر المتصاعد على الحدود والخروقات الإسرائيلية المتكررة للقرار الدولي 1701، والتي تهدد بانفجار الأوضاع في أية لحظة. ومن المتوقع أن يشدد لودريان خلال لقاءاته على ضرورة التزام جميع الأطراف بموجبات هذا القرار، مع التركيز على إعادة تفعيله بالتعاون مع قوات اليونيفيل.وفي هذا السياق، تبدي باريس تمسكها ببقاء قوات اليونيفيل من دون تعديل في تفويضها أو صلاحياتها، خلافًا لموقف تل أبيب التي لا تريد تجديد التفويض، ولواشنطن التي أبدت فتورا إزاء استمرار المهمة وتسعى إلى تقليص الدور وتقليص التمويل. وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية قد أشارت إلى دراسة الإدارة الأميركية خيار سحب دعمها المالي لليونيفيل بهدف خفض كلفة العمليات.
وفي مواجهة هذا الواقع، تعمل باريس على صياغة تسوية ترضي جميع الأطراف، وقد سبق أن اقترحت في شباط الماضي نشر جنود من اليونيفيل بينهم فرنسيون في المواقع الخمسة التي لا تزال إسرائيل ترفض الانسحاب منها، رغم مخالفتها الصريحة للقرارات الدولية.
ولا شك أن لودريان سيطرح أيضا مسألة سلاح حزب الله خلال مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين، غير أن أوساطا سياسية تتوقع أن يكون الرد اللبناني الرسمي بالتشديد على ضرورة أن تضاعف باريس ضغوطها على إسرائيل، لوقف انتهاكاتها المتكررة وتأمين انسحابها من المناطق التي لا تزال تحتلها، ما يعيق عمل الجيش في الجنوب.
ويحمل لودريان في جعبته أجندة اقتصادية - إصلاحية لا تقل أهمية، لا سيما ان باريس تواصل مساعيها لعقد مؤتمرين دوليين: الأول لدعم الجيش ، والثاني لإعادة الإعمار. وتعتبر باريس ومعها المجتمع الدولي أن تقديم أي دعم مالي أو استثماري للبنان مشروط بمدى التزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات جذرية، لاسيما في القطاعين المالي والمصرفي. ومن المتوقع أن يستوضح لودريان من المسؤولين اللبنانيين ما تحقق من التزامات سابقة، خصوصا على صعيد إعادة هيكلة النظام المصرفي، مكافحة الفساد، وتعزيز استقلالية القضاء، وهي شروط أساسية لمشاركة المانحين في أي عملية دعم واسعة النطاق.
ولا تنفصل زيارة لودريان عن الجهود الدبلوماسية الأوسع التي تبذلها فرنسا في المنطقة، حيث تعمل باريس على الدفع باتجاه عقد مؤتمر دولي في نيويورك خلال تموز المقبل حول حل الدولتين، في إطار سعيها لتثبيت الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويتضح من برنامج زيارة لودريان أنها تتجاوز الأبعاد البروتوكولية المعتادة، لتشكل، بحسب مصادر دبلوماسية محطة أساسية في تحديد مستقبل التعاون الدولي مع لبنان. فالدعم الخارجي لن يقدم من دون مقابل، والإصلاحات لم تعد خياراً بل شرطاً إلزامياً لا يمكن تجاهله إذا ما أراد لبنان استعادة ثقة المجتمع الدولي وفتح أبواب المساعدات والاستثمارات.