عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
منذ 7 أوكتوبر 2023 يشن الكيان الإسرائيلي الحرب تلو الأخرى على قوى ودول محور المقاومة، سعيا إلى إزالة أي خطر أو تهديد يحوم حول هذا الكيان، بعدما أحدثت عملية طوفان الأقصى صدمة كبيرة لدى مستوطنيه وتحول عقدة نفسية بالنسبة إليهم.
أرادت قيادة العدو أن تحرر الإسرائيليين من هذه العقدة التي استحكمت بهم وأن تعالج هواجسهم الوجودية التي تفاقمت بعد اقتحام حركة حماس لمستوطنات غلاف غزة وسقوط كل نظريات الأمن الإسرائيلي، الأمر الذي دفعها إلى شن الحروب المتلاحقة على غزة ولبنان واليمن وإيران لاستعادة قوة الردع والقضاء على محور المقاومة، فماذا كانت النتيجة؟
يمكن الاستنتاج أن العدو استطاع عبر حروبه المتنقلة أن يصنع إنجازات تكتيكية بفعل تفوقه الاستخباري والأمني لكنها بقيت مبتورة ولم تحقق في مجموعها الإجمالي الغاية المركزية التي تتمثل في التخلص من شبح المقاومة وضمان مستقبل الكيان الإسرائيلي.
على مستوى غزة، يخوض جيش الاحتلال منذ عامين حرب إبادة أدت إلى استشهاد وجرح عشرات آلاف الفلسطينيين وتدمير معظم القطاع وتشريد مئات الآلاف واغتيال قادة حماس الأساسيين. لكن، ورغم ذلك لم ينجح الاحتلال حتى الآن في استعادة جميع أسراه ولم يتمكن من القضاء على المقاومة الفلسطينية التي لا تزال تقاتله وتستنزفه عبر عمليات نوعية تستهدف قواته، وتلحق بها الخسائر كما حصل في العملية الأخيرة التي أفضت إلى مقتل سبعة جنود دفعة واحدة.
أما في لبنان، فقد خاض العدو حربا استمرت 66 يوما اغتال خلالها الشهيدين- الأمين العام السابق لحزب الله- السيد حسن نصرالله، والسيد هاشم صفي والصف الأول في القيادة العسكرية ونفذ جريمة البيجر في حق بيئة "الحزب"، ودمر قرى الحافة الأمامية في الجنوب كليا وجزءا من الضاحية الجنوبية. ومع ذلك كله بقيت المقاومة حية، حيث رممت وضعها وأعادت تنظيم أمورها وبالتالي استمر هاجسها يلاحق الاحتلال الذي يضغط وحليفته واشنطن لنزع سلاحها بالسياسة بعدما عجز عن نزعه بالقوة.
وفي اليمن، ورغم الغارات العنيفة والمتكررة التي شنتها عليه الطائرات الأميركية ثم الطائرات الإسرائيلية استمرت الصواريخ اليمنية البالستية بالتساقط على فلسطين المحتلة وواصل أنصار الله إسناد غزة.
وبالوصول إلى إيران، ظنت تل أبيب أن الحرب عليها ستكون حاسمة وفاصلة لأنها تستهدف رأس المحور وقيادته، فإذا بها بعد 12 يوما من المواجهة الضارية بدعم من الضربة الأميركية، لا تحقق سوى نتائج جزئية. صحيح أن العدو تمكن من اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين إلى جانب قصف منشآت نووية بمشاركة واشنطن، إلا أن إيران تمكنت من احتواء الصدمة واستعادة توازنها، فنهضت ثم صمدت ثم انتقلت من الدفاع إلى الهجوم وراحت ترد الصاع الصاعين حتى اللحظة الأخيرة التي سبقت وقف إطلاق النار.
وبالمحصلة الاستراتيجية، لم يسقط النظام وفق ما توقع نتتياهو وتمنى ترامب، ولم يتجرأ لا الإسرائيلي ولا الأميركي على استهداف المرشد الإمام علي الخامنئي كما هددا، ولم تدمَر القدرات الصاروخية الإيرانية التي ضمها نتنياهو إلى بنك الأهداف بل ظلت الصواريخ تنهمر على داخل الكيان حتى بدء سريان مفاعيل وقف إطلاق النار، ولم ينته البرنامج النووي الإيراني -وإن تضرر بعدما تبين أن القصف لم يدمر المنشآت بالكامل- وأن طهران تمكنت من سحب اليورانيوم المخصب قبل الاستهداف.
وهكذا تكون إيران قد خرجت من الحرب أقوى معنويا خلافًا لحسابات الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة.