كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
لم تعد حوادث السّير مجرّد أرقام في تقارير أو لقطات عابرة على شاشات ومواقع الأخبار، بل أصبحت فصولاً يوميّة من المآسي. حادثٌ هنا، ضحيّةٌ هناك، وعائلاتٌ تفقد أبناءها في غمضة عين.. كأنّ طرقاتنا في لبنان تكتب يوميّاتها بالدم، ولو كانت تتكلّم، لصرخت من الوجع والفوضى والإهمال ، لكنّها صامتة تحملُ آثار الفرامل المُفاجئة والزجاج المتناثر وأسماء شباب ما عادوا يعودون إلى بيوتهم.
نعم للأسف، باتت القيادة مُغامرة وحوادث السير جزءاً من الروتين اليوميّ. وفي رقمٍ لافت لا يُمكن التّغاضي عنه، أفادت غرفة التحكم المروري في إحصاءاتها منذ أيّام عن سقوط 23 جريحاً في 14 حادث سير خلال 24 ساعة فقط! وفي اليوم التالي أعلنت سقوط 3 قتلى و7 جرحى في 9 حوادث سير خلال يوم واحد!
يؤكّد خبير السّير المحلّف لدى المحاكم جوزيف متّى أنّ الحوادث في ازديادٍ مستمرّ، ويقول في حديثٍ لـ"الأفضل نيوز": "للأسف نشهد يوميًّا زيادةً في عدد الإصابات جراء حوادث السير، وهذا يعود للسّرعة وعدم تطبيق القوانين". ويُتابع متّى: "لدينا قانون جيّد جدًّا في لبنان ولكنّه بحاجة إلى تطبيق فعليّ، ومن أسباب الحوادث أيضاً نذكر الحفر وعدم إنارة الطّرقات والاستعمال الدّائم للهاتف أثناء القيادة، وعدم الالتزام بصيانة السيارات وإجراء المُعاينة الميكانيكيّة".
انطلاقاً من هنا، وكي لا نستمرّ بخسارة أحبّائنا على الطّرقات، يتمنّى الخبير متّى على الشبّان والشابات خصوصاً، احترام قوانين السّير وتجنّب القيادة بسرعة لأنّ "الحادث بصير بثواني".. مع العلم أنّ تأثيره يستمرّ طويلاً سواء كان جسديًّا أو نفسيًّا.
وفي فكرةٍ لافتةٍ تستحقّ الدّراسة والبحث، اقترح الخبير متّى "تدريس قانون السّير في المدارس وإعطاء حصّة خاصّة لتعليم التّلاميذ تفاصيل هذا القانون وكيفيّة تطبيقه". من شأن هذا الأمر أن يُعلّم الجيل الصّاعد أهميّة الالتزام بالقوانين عموماً، ويُساهم في تعزيز التوعية وتربية الأجيال ليكبروا ويقودوا سياراتهم بمسؤوليّة على الطّرقات.
كما يتوجّه متّى بنداءٍ عبر موقعنا إلى القوى الأمنيّة، لزيادة الإجراءات وتكثيف الدوريّات و"يعملوا ضبط سير بوجّع". فإذا لم نُطبّق القانون كما يجب ولم يتمّ تسطير محاضر ضبط مُناسبة، فإنّنا لن نتمكّن من تخفيف عدد الحوادث والإصابات الناتجة عنها، وبالتّالي ستزيد يوماً بعد يوم، وفق قوله.
أمّا السّبب الرئيس لحوادث السير، فيؤكّد متّى بحسب تجربته، أنّه "الهاتف، وتحديداً واتساب". ويُضيف: "السرّعة غالباً ما تكون وراء حوادث السير، إلا أنّ الهاتف واستخدام تطبيقات الدردشات مثل واتساب يأخذ الحيّز الأكبر من الحصّة".
كذلك، لا يُمكن غضّ النّظر عن حوادث الصّدم التي تحصل يوميًّا. وهنا يُطالب متّى بالإكثار من جسور المُشاة في كلّ منطقة خصوصاً على الطّرقات الدوليّة لتخفيف ظاهرة "اجتياز الطّرقات والأوتوسترادات" وبالتالي التخفيف من الحوادث القاتلة.
خلف كلّ حادث، هناك قصّة وبيتٌ انكسر، وندمٌ لا يُصلح شيئاً. إلى متى ستبقى طرقاتُنا مصيدةً للأرواح؟ ومتى تُصبح الطّريق وسيلةً للحياة لا بوابة إلى الموت؟