ربى اليوسف - خاصّ الأفضل نيوز
حين أدارَت الدولة ظهرها للبقاع، وبات الإهمال قدرَه، خرج عبد الرحيم مراد من قلب المعاناة، كماردٍ بقاعيٍ أبى الانكسار.
لم يكن سياسيًا عابرًا، بل حلمًا يسير بين الناس، يحوّل الأمل إلى مشاريع، والصوت الصامت إلى حقٍّ يُنتزع.
كان حيث غاب الجميع، وكان إنماءُ البقاع رسالته... لا شعارًا، بل التزامًا نذر له العمر.
ثم جاء من بعده حسن، ذلك الشاب الطموح، حاملاً الإرث ومجدّدًا الوعد.. لم يركن إلى الاسم، بل خاض الميدان بنفسه، وسار بين الناس كما تربّى: واحدًا منهم ولهم.
بعقلٍ شابّ وروحٍ مسؤولة، أكمل المسيرة، وبعزيمته يثبت كل يوم أن البقاع ما زال حيًّا برجاله وأحلامه.
تنقّل من البقاع الغربي، إلى الأوسط، فالشمالي، يحمل في قلبه وجع الأرض وحقّ الناس، فكانت الجامعة اللبنانية الدولية – LIU، إحدى أبرز تجليات هذا الحلم.
ليست مجرّد صرح أكاديمي، بل نافذة فتحتها الإرادة في جدار التهميش، لتكون الفرصة التي أنصتت إلى وجع البقاعيين، ومدّت يدها إلى طموحاتهم.
فدخلها من لا سند له، ومن كان حلم الجامعة بالنسبة إليه بعيد المنال... فصار الحلم واقعًا.
وفي خطوة لافتة على صعيد التعليم العالي، أعلن النائب حسن مراد شراء جامعة العزم، التي كان يملكها رئيس الحكومة السابق، ليُعاد إطلاقها تحت اسم جديد: جامعة الشرق.
الخطوة تأتي ضمن رؤية مراد لتوسيع نطاق التعليم الجامعي وتعزيز فرص الوصول إليه، عبر مؤسسات تحمل طابعًا وطنيًّا وانفتاحًا أكاديميًا يعكس أولويات المرحلة.
لم يقف الأمر عند الجامعة، بل تخطاه إلى الإعلام، فكانت "الأفضل نيوز" مساحة حرّة ومنبرًا للأصوات الشابة، وفرصة عمل لعشرات الشبان والشابات، حملوا "الكاميرا" و"الميكروفون"، وخرجوا إلى الميدان ليكتبوا قصص منطقتهم بأيديهم.
تحوّل الحلم الإعلامي إلى واقع ملموس، ومشروع مهني يُثمر مهارات وفرصًا، ويُعيد للبقاع حضوره في المشهد العام.
ومن العلم والإعلام، انتقلنا إلى ميدان العمل والمعيشة، حيث كانت "الأفضل ماركت" فرصة حقيقية لتخفيف وطأة الأوضاع الاقتصادية الخانقة.
وتكريسًا لمسار العطاء المتعدد الأوجه، أُطلق مشروع "المجمّع الإسلامي في البقاع" كمنارة تجمع بين العبادة والعلم والعمل الخيري، في صرحٍ يعكس روح الاعتدال والانفتاح.
واليوم، ينتظر البقاع مشاريع صحية وسياحية واعدة، كلها تحمل توقيع مراد، لتُكمل مسيرة التنمية والنهضة التي بدأها، وتمنح أهل الأرض فرصة جديدة للحياة الكريمة.
لم يكن مشروع مراد يومًا فئويًّا ولا طائفيًّا، بل كان صوتًا راسخًا في وجه القسمة والانقسام، ونبضًا نابذًا لكل أشكال التفرقة.
آمن أن لا قيامة للبنان دون وحدة، ولا نهضة دون عروبة، فدعا إلى الاتفاق لا الانقسام، وإلى التلاقي لا التصادم.
وعلى درب التماسك العربي، حثّ دائمًا على التعاون والتكامل، لأنّ البقاع لا ينهض وحده، كما لا تنهض أمة إلّا حين يجتمع شتاتها تحت راية واحدة: راية العروبة... الهويّة والمصير.
وكانت المقاومة في روحه، خالدة كذكرى عبد الناصر، حبًّا بالأرض وعشقًا للحرية، وعينه كانت على الجنوب وفلسطين، كما على كل لبنان حيث تمتد مؤسساته وأحلامه.
لم ينسَ جذوره ولا نضالات شعبه، بل كان رفيق درب لكل من يحمل الهمّ نفسه، من شماله إلى جنوبه، من بيروت إلى كل قرية وبقعة في أرض الوطن.
آمن أن المقاومة ليست فقط سلاحًا، بل ثقافة حياة، وسلاح الوعي الذي يحمي الهوية ويصون الكرامة. ومن هذه الروح، ومن هذا العشق للأرض والإنسان، تبلورت مسيرة مراد، التي كانت وستبقى نبراسًا لكل من يؤمن بوحدة لبنان وعروبته وكرامته.