طارق ترشيشي- خاصّ الأفضل نيوز
لم تحقق زيارة الموفد الرئاسي الأميركي توماس براك الثالثة للبنان النتائج التي يرجوها المسؤولون اللبنانيون ولا النتائج التي تتوخاها الإدارة الأميركية وإسرائيل، فظلت قضية حصرية السلاح بيد الدولة هي العقدة التي تحول دون التوصل إلى الاتفاق المنشود الذي يريده لبنان بالتزام إسرائيل لوقف إطلاق النار واستكمال انسحابها مما تبقى من أراض جنوبية محتلة تنفيذًا للقرار الدولي الرقم 1701.
وطالما أن براك قال للبطريرك الماروني بشارة الراعي في ختام زيارته للبنان عندما سأله عما ينتظره اللبنانيون من مهمته: "لا أعلم ماذا ستكون النهاية، لكننا نواصل العمل للوصول إلى الاستقرار" فذلك يؤكد أن مهمته قد فشلت وأنه قد يعود إلى لبنان مجدّداً وقد لا يعود أبداً.
ولكن ما إن غادر براك بيروت حتى بدأ مطلعون على الأجواء الأميركية يتحدثون عن سيناريوهات سلبية حول مستقبل الأوضاع اللبنانية ومنها احتمال إقدام إسرائيل على اجتياح منطقة جنوب نهر الليطاني مصحوباً بقصف جوي عنيف لمنطقة شمال النهر وصولًا إلى عمق لبنان بهدف القضاء على قدرات حزب الله العسكرية الصاروخية وغير الصاروخية والتي ترى فيها واشنطن وتل أبيب استمرارًا في تهديد أمن إسرائيل ولذلك تصران على نزعها قبل البحث في أي شيء أخر...
ويقول بعض هؤلاء المطلعين أن براك جاء إلى لبنان مودعًا هذه المرة لإدراكه صعوبة تحقيق أي خرق في موضوع نزع سلاح حزب الله من دون تقديم ضمانات للبنان بحصول انسحاب اسرائيل الكامل والتزامها الصارم بوقف إطلاق النار. وقد حاول براك الضغط في هذا الاتجاه من خلال قوله للمسؤولين اللبنانيين أن موضوع تمديد ولاية قوات اليونيفيل لسنة جديدة نهاية آب المقبل أمر صعب في إشارة غير مباشرة منه إلى أن واشنطن ستوقف مساهمتها المالية في موازنة السنوية لهذه القوات.
وكذلك لمح براك أيضاً أمام المسؤولين اللبنانيين إلى أنهم إذا لم ينزعوا سلاح "الحزب" فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا مشكلة لديها في عدم التجديد لقوات اليونيفيل، وإنهم إذا كانوا يتمسكون بالسلاح خوفًا من إسرائيل إلى جانب خوفهم من غزو داعشي للبنان عبر الحدود الشرقية الشمالية اللبنانية ـ السورية فما عليهم إلا التواصل مع حكومة أحمد الشرع.
وفي ضوء هذه المعطيات يقول هؤلاء المطلعون أن الوضع صعب وأن هناك تململ أميركي وربما عربي أيضاً من أداء السلطة اللبنانية وتعاطيها في موضوع السلاح إلى درجة أن براك لمح أمامهم إلى احتمال أن تكون واشنطن على وشك ترك لبنان لمصيره وإنها ما زالت تعطي لبنان فترة ستة أسابيع لحسم الموقف في شأن ملف السلاح.
كما يشير المطلعون إلى أن الأميركيين يدركون أن ما يحصل على الساحة السورية حاليًّا هو حرب على النفوذ بالواسطة، وأحيانًا بالمباشر، بين تركيا وإسرائيل، تأتي بديلًا من الحرب التي كانت قائمة أيام النظام السابق بين روسيا وإيران، وكل هذا ستكون له انعكاساته على لبنان.
على أن اللافت أن براك في خلال زياراته الثلاث لبنان أنه لم يلق اللوم على إسرائيل في الخرق اليومي المتواصل لوقف إطلاق النار وللقرار الدولي الرقم 1701، بل ظل يحمل المسؤولية للبنان الذي نفذ التزاماته كاملة في منطقة جنوب الليطاني ملتزمًا وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي بكل مندرجاته، واكتفى بالوعد بـ"الأمل" وملقيًا التبعات على الحكومة بقوله "الحكومة عليها أن تقرر ما يجب فعله" مضيفًا: "هناك خيارات عدة على الحكومة اللبنانية القيام بها". مشدّدًا على "أن المطلوب الصبر ليستمر الحوار من دون خسائر" وواعدًا بأن الولايات المتحدة الأميركيّة ودول الخليج "ستساعد اللبنانيين على تحقيق الاستقرار"، ومعترفًا بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري "يقوم بكل ما بوسعه، على الرغم من تعقيد الأمور".