طارق ترشيشي- خاصّ الأفضل نيوز
تتصاعد الضغوط الداخلية والخارجية لفرض طرح موضوع حصرية السلاح في جلسة خاصة يعقدها مجلس الوزراء لهذه الغاية واتخاذ قرار في شأنه، في وقت يسود انقسام داخلي حول هذا الموضوع يمكن أن يهدد بسقوط الحكومة أو يحولها حكومة تصريف أعمال مستقيلة كانت أو غير مستقيلة.
ويبدو أنه قد تم الرضوخ لهذه الضغوط وتقررت جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل ويخشى أن تشهد انقساما وزاريا بين مؤيد لإصدار قرار ببرنامج زمني لنزع السلاح وآخر رافض لنزعه إذا لم تلتزم إسرائيل وبضمان أميركي وقف إطلاق النار والانسحاب إلى الحدود حسب القرار 1701 وإطلاق الأسرى، الأمر الذي يهدد بعدم صدور أي قرار في شأن حصرية السلاح ما يعرض الحكومة للتفسخ خصوصا إذا اعتكف أو استقال فريق وزاري من هنا وفريق آخر من هناك.
ويبدو أن عودة الموفد الأميركي توم براك من عدمها إلى لبنان باتت متوقفة على نتائج جلسة مجلس الوزراء الثلثاء المقبل، خصوصا وأنه لجأ إلى اعتماد لغة ديبلوماسية خشنة في مخاطبة المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته الثالثة للبنان بعد الديبلوماسية الناعمة التي اعتمدها في زيارتيه الأولى والثانية، ليعبر بذلك عن انحياز واضح للجانب الإسرائيلي المستمر في خرق اتفاق وقف النار والادعاء بأن حزب الله هو من يخرق هذا الاتفاق.
وبين ليلة وضحاها تجاهل براك الردود اللبنانية على مقترحاته خصوصا في شأن موضوع نزع السلاح وجعل حصريته بيد الدولة خصوصا وأن المسؤولين اللبنانيين شرحوا له مرارا وتكرارا أن هذا الأمر يعالج بحوار داخلي نظرا لحساسيته وتأثيره على السلم الأهلي وطالبوا في الوقت نفسه بأن تلزم الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل بوقف إطلاق النار والانسحاب إلى الحدود تنفيذ للقرار الدولي 1701. وشرح المسؤولون اللبنانيون لبراك أيضا كيف أن لبنان نفذ المطلوب منه في منطقة جنوب الليطاني فيما إسرائيل لم تنفذ أي شيء،
بل إن الاميركيين وحلفاءهم راحوا يربطون موقف لبنان بخلفية إيرانية وأنه من بين مواضيع البحث في الحركة الديبلوماسية الجارية لتأمين عودة المفاوضات بين واشنطن وطهران حول الملف النوي وحدود النفوذ الإقليمي لإيران.
وقد نفت مصادر دبلوماسية إيرانية لموقع "الأفضل نيوز" أن يكون موضوع سلاح الحزب جزءا مما يحصل من مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن أو ضمن الرسائل الأميركية التي يتلقاها المسؤولون الإيرانيون حول إمكانية معاودة المفاوضات بعد الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية الأخيرة التي تعرضت لها إيران.
وقالت هذه المصادر إن أمر سلاح حزب الله متروك للحزب نفسه وللمقاومة، وإذا كان لطهران من رأي في هذا المجال فهو أنها ترى أن الاستغناء عن هذا السلاح أو نزعه في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية من شأنه أن يزيد الخسائر على لبنان نتيجة هذه الاعتداءات المتمثلة بالاغتيالات واستمرار الاحتلال خلافا لوقف إطلاق النار. كذلك تعتبر إيران أن ما يمكن أن تصل إليه المفاوضات في شأن سلاح حزب الله أمر متروك للحزب وللقوى السياسية اللبنانية الأخرى لكي تتخذ في شأنه الموقف الذي يناسبها.
وتقول المصادر الدبلوماسية الإيرانية إن إيران تبني موقفها للعودة إلى المفاوضات على هدف الحؤول دون حصول حرب جديدة أو لتأجيل الحرب لأن في ذلك مصلحة للمنطقة ودولها. وتضيف أنه في حال حصول أي استهداف جديد لإيران في ظل عودتها إلى المفاوضات فإن ذلك سيعتبر خيانة وبالتالي فإن الطرف الذي يعتدي هو من سيطيّر المفاوضات ويتحمل تبعات ما ينتج عنه.
وتضيف المصادر الديبلوماسية أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل على تنفيذ مشروعين متكاملين في المنطقة: الأول توسيع الاتفاقات الإبراهيمية لتشمل دولًا جديدة عربية وربما غير عربية ، واستكمال تنفيذ "صفقة القرن" التي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأ بتنفيذها في ولايته الرئاسية الأولى وهي تقضي بتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن وفي خطوة لاحقة تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن وغيرها. ولهذا فإن هذين المشروعين متلازمان وتدفع واشنطن لتنفيذهما وفرضهما كأمر واقع في المنطقة. وتقول المصادر إن رأي إيران في هذين المشروعين هي أنهما غير عادلين، فأي مشروع لا يكون عادلا سيسقط عاجلا أم آجلا . وقد سقطت مشاريع كثيرة مشابهة سابقا لأنها لم تكن لها أي مقومات للصمود لانعدام العدالة فيها.
وعن الوضع في سوريا تعتبر المصادر أن ما قامت به إسرائيل منذ سقوط النظام السابق هو جعل سوريا دولة منزوعة السلاح بدليل تدميرها كل البنى العسكرية للدولة السورية في مرحلة أولى ثم حل الجيش السوري في مرحلة ثانية، ما أخرج نحو 400 إلى 500 ألف جندي من الخدمة وهؤلاء عاد كل منهم إلى جماعته ليقاتل إلى جانبها فيما تحول قسم منهم "بندقية للإيجار" تقاتل مع من يدفع لها أجراً أكثر.
وتضيف المصادر أن ما يحصل الآن في الجنوب السوري هو توسع إسرائيلي قد يصل قريبا إلى حد فرض إسرائيل سيطرتها على كل المنطقة الجنوبية السورية تحت عنوان "إقامة منطقة منزوعة السلاح".
ولذلك تعتبر المصادر الديبلوماسية نفسها "أن ما يحمي لبنان هو ما تملكه المقاومة من سلاح وبالتالي فإن أي محاولة لنزع هذا السلاح سيكون نزعا لعوامل القوة التي ما تزال في يد لبنان ما يزيد في هذه الحال من احتمالات أقدام إسرائيل على عدوان جديد. بدليل أعلان وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من أن "الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من النقاط الخمس في جنوب لبنان". و أن "القرى التي دمّرها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان لن يُعاد بناؤها".
ويستدل من كلام هذا الوزير الإسرائيلي المتطرف أنهى مهمة الموفد الأميركي في لبنان قبل أن تنتهي، وأن كل ما طرحه لا يعدو كونه تضييع للوقت إلى حين شن إسرائيل حربًا جديدة لاجتياح جديد للجنوب قد يصل إلى شمال الليطاني لإقامة ما تريده إسرائيل من منطقة عازلة في جنوب لبنان ترتبط جغرافيا بالمنطقة العازلة التي تعمل عليها في الجنوب السوري.