كريستال النوّار - خاص الأفضل نيوز
في الشّوارع، في المكاتب، وتحت أسقف المنازل، ينهارُ الناس بصمت تحت وطأة حرٍّ غير مسبوق وكأنّه غضبٌ متراكمٌ أتى ليُصفّي حساباً قديماً مع هذا البلد المنهك وناسه الذين يعيشون أيّامهم بلا كهرباء ولا مياه ولا أدنى مقوّمات الحياة الطبيعيّة. والأسوأ أنّ موجة الحرّ هذه، مستمرّة ولا تقتصر على يوم أو يومين، فهل نصمد؟
يُشير رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري في بيروت، محمد كنج، إلى أنّ موجة الحرّ الشّديدة مستمرّة حتّى يوم الجمعة المقبل حيث تتراجع كمرحلةٍ أولى بحدود 4 درجات فيما يبدأ الناس بالشّعور بهذا التراجع يوم السّبت، عندما تعود درجات الحرارة إلى معدّلاتها الموسميّة أو أقلّ منها بشكلٍ بسيط. ويُضيف كنج، في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز": درجات الحرارة ستبقى مرتفعة في البقاع فوق الـ 40 درجة، وكانت قد سجّلت أمس السّبت رقماً قياسيًّا وصل إلى 45.7 في زحلة في الظلّ، واليوم الحرارة تبلغ 44.4 درجات فيما المعدّل هو 35، أي أنّ ما نشهده اليوم هو درجات حرارة فوق المعدّل من 9 إلى 10 درجات.
ماذا ينتظرنا في الأيّام المُقبلة؟ يُجيب كنج: "درجات الحرارة ستبقى فوق معدّلاتها بحوالى 8 درجات وستظلّ كذلك حتّى يوم الخميس قبل أن نشهد تراجعاً كبيراً بين الخميس والجمعة ولكنّ الإحساس به يبدأ السّبت لأنّ الحرارة الدّنيا (في الليل) ارتفعت أيضاً. وهذا يعني أنّ ليل الجمعة - السّبت سنلاحظ تراجعاً بدرجات الحرارة ونبدأ نشعر بالفرق".
هذه أوّل موجة يتعرّض لها لبنان هذه السنة، وفق كنج، الذي يلفت إلى أنّ الموجة السّابقة كانت في العام 2023 بشكلٍ يُشبه ما نعيشه اليوم من حرارة بحدود الـ 44 درجة وأتت وقتها في الفترة نفسها من السّنة في 11 آب واستمرّت حتّى 30 آب تقريباً.
بالنّسبة للرّطوبة، تظهر جليّة على الجبال من خلال كثرة الغيوم أو الضّباب الكثيف الذي يحجب الرؤية أحياناً، أمّا على السّاحل فتحجب أشّعة الشّمس. والإشكاليّة التي تحصل، كما يقول كنج، أنّ سكّان المدن يشعرون وكأنّهم في غرفة "ساونا" Sauna، وهذا ما يحصل فعليًّا! فالرطوبة تتجاوز الـ 80 في المئة أحياناً وتشعر النّاس بدرجات الحرارة بحدود الـ 40 أو أكثر، ليلاً ونهاراً. ففي الحرّ عادةً ما ينتظر الجسم الليل لكي يستعيد درجة حرارته المُعتادة بعيداً عن حرّ النّهار، أمّا اليوم فالمشكلة أنّ الأجسام لا تستعيد قواها في الليل لأنّ الحرارة تكون مثل النّهار، ما يؤدّي إلى الشّعور بالضّعف الدّائم والإرهاق والتّعب الشّديد.
وإذ يلفت إلى أنّ مشكلة موجة الحرّ تبدأ من الغد، يؤكّد كنج أنّه كلّما استمرّت لمدّةٍ أطول كلّما شهدنا حالات أقسى تدخل المُستشفيات نتيجة موجة الحرّ الشّديدة.
لذلك، لا بدّ من اتّباع بعض النّصائح والإرشادات الضّروريّة، وأهمّها: اللجوء إلى الأماكن التي فيها تكييف والقاعات الكبيرة، أو التزام المنازل وعدم الخروج في ساعات الذروة بين الساعة 11 و4، الإكثار من شرب الماء وتناول المأكولات التي تحتوي على خضار وفواكه، اختيار الملابس القطنيّة، الإكثار من الاستحمام وكلّ ما يُمكن أن يُخفّض من حرارة الجسم، وتفادي القيام بأعمالٍ مجهدة ترفع من حرارة الجسم، كما الحرص على تبريد الجسم عند اللزوم خصوصاً لكبار السن، وتجنّب الرياضة والنّشاط البدني الشّديد في أوقات الذروة.
هذا ما يُشدّد عليه كنج، ويقول إنّ النّصائح المذكورة ضروريّة. ويُتابع: "لا أظن أنّنا سنشهد أقسى من هذه الموجة في هذه السّنة.. ولكن آب بعدو ما خلص، مُمكن يفاجئنا بآخر أيامه".
إذاً، انتبهوا جيّداً ولا تهملوا صحّتكم، فإنّها المُتضرّر الأوّل في حال لم تُحافظوا على التّرطيب اللازم.