محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
زيارة علي لاريجاني إلى بيروت لا تشكل محطة بروتوكولية فقط للمشاركة بذكرى استشهاد السيد حسن نصر الله، بل إشارة سياسية إلى مسعى أوسع يتجاوز حدود لبنان. فالرجل الذي يتحدث من عين التينة عن مبادرة حزب الله باتجاه السعودية لا يكتفي بإطلاق موقف عابر، بل يعكس توجّهًا إيرانيًا نحو محاولة إعادة ترتيب العلاقة مع الرياض، وهو مسار، إن نجح، سينعكس بالضرورة إيجابًا على الداخل اللبناني وعلى ملفات المنطقة.
في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، حيث تتصاعد المواجهة مع إسرائيل وتتمدّد اعتداءاتها في أكثر من ساحة عربية، يكتسب أي تقارب عربي ـ إسلامي قيمة مضاعفة. فالتشتّت والانقسام يقدمان خدمة مجانية للمشروع الإسرائيلي، فيما أي تواصل أو تقارب بين القوى الكبرى في المنطقة يضيّق هوامش تل أبيب ويحدّ من قدرتها على استفراد كل ساحة على حدة.
لبنان بدوره يقف على فوهة أزمات مالية وسياسية وأمنية متراكمة. وهو بلد لا يملك ترف الصراعات المفتوحة، ولا يمكنه أن يعيش رهينة تجاذب إقليمي دائم. من هنا، وبحسب مصادر سياسية بارزة، فإن أي مصالحة أو تهدئة بين طهران والرياض، حتى ولو بقيت في حدود إدارة الخلاف لا إنهائه، ستمنح بيروت جرعة أوكسجين يحتاجها بشدة، سواء عبر تخفيف الضغوط الخارجية أو عبر فتح نافذة لالتقاط دعم اقتصادي وسياسي جديد.
تشير المصادر عبر "الأفضل" إلى أن أي تقارب إيراني ـ سعودي، أو سعودي مع حزب الله، يساهم بتهدئة المناخ الداخلي، فتقارب المحاور ينعكس مباشرة على المشهد اللبناني الذي غالبًا ما يدفع ثمن التصعيد الإقليمي. أي تهدئة تخفف من حدّة الانقسامات وتخلق مساحة للحوار الداخلي، مشددة على أنها تشكل أيضًا فرصًا اقتصادية في ظل الانهيار، إذ إن أي انفتاح عربي على لبنان يمكن أن يُترجم إلى استثمارات، دعم مالي، أو إعادة وصل لبنان بشبكات الطاقة العربية، كما أنه بكل تأكيد حماية للساحة اللبنانية.
ترى المصادر أن التقارب في هذه اللحظة يتجاوز لبنان. فالمنطقة بأسرها تقف أمام تحدي التغلّو الإسرائيلي الذي يحاول فرض وقائع جديدة في فلسطين وسوريا ولبنان. وأمام هذا المشهد، من مصلحة العرب والمسلمين إعادة ترميم البيت الداخلي، ورسم مشهد سياسي يضع الخلافات في مرتبة ثانوية مقابل مواجهة الخطر المشترك.
تؤكد المصادر أن زيارة لاريجاني إلى بيروت تعكس إدراكًا إيرانيًا بأن لبنان لم يعد يحتمل سياسة العضّ على الأصابع، وبأن الانفتاح على السعودية هو المدخل الطبيعي لأي تهدئة إقليمية، وبالتالي هي فرصة للبنان كي يلتقط أنفاسه، وفرصة للعرب كي يستعيدوا معنى التلاقي في مواجهة الخطر الإسرائيلي الداهم، مشيرة إلى أن لاريجاني حتمًا يحمل معه بعض الإشارات السعودية في هذا المجال، كونه أحد أبرز اللاعبين الذين تولّوا ترتيب إعلان مبادرة الشيخ نعيم قاسم باتجاه المملكة إلى جانب رئيس المجلس النيابي نبيه بري.