ترجمة - الأفضل نيوز
استأنف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي دورة خفض معدلات الفائدة مع استمرار الارتفاع في أسواق الذهب والفضة، حيث يسجل الذهب مستويات قياسية جديدة، وتحذو الفضة حذوه.
وتركّز الأسواق حالياً بشكلٍ كامل على التوقعات حول السياسة النقدية الأميركية، إذ يعكس هذا الارتفاع توقعات بمزيدٍ من الانخفاض في معدلات الفائدة الأميركية وتراجع الدولار الأميركي في ظل تباطؤ الاقتصاد في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى المخاوف السائدة حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بسبب الضغط المستمر الذي يمارسه الرئيس ترامب.
وتتجسد هذه المخاوف في أسواق الذهب والفضة بشكلٍ أساسي. ورغم ذلك، فإن أي تدخل في شؤون البنك المركزي لا بُدّ أن يعزّز المشهد المزدهر حالياً للذهب والفضة، ويزعزع الثقة في إحدى أبرز مؤسسات النقد في العالم، ما قد يؤدي إلى مزيدٍ من الانخفاض في قيمة الدولار الأميركي، ويجذب المزيد من المستثمرين إلى أسواق الذهب والفضة.
ويسهم المستثمرون في تعزيز الارتفاع القياسي الحالي لكل من الذهب والفضة، حيث تواصل المنتجات المدعومة مادياً، التي تشكّل مؤشراً واضحاً لقياس الطلب الاستثماري، تسجيل تدفقات مستمرة بلغت هذا العام حتى الآن 400 طن للذهب و2,950 طناً للفضة، ما يشير إلى أن عام 2025 قد يكون الأفضل منذ عام 2020.
وينعكس تزايد اهتمام المستثمرين أيضاً في توجه السوق الصاعد، سواء في السوق الفعلية أو في سوق العقود الآجلة، كما يشهد الذهب طلباً متجدداً لدى البنوك المركزية بعد استقرار موسمي نسبي، وتُظهر مراقبتنا لعمليات الشراء المعلنة وغير المعلنة إضافة البنوك المركزية غير الغربية نحو 70 طناً من الذهب إلى احتياطياتها في يوليو الماضي، ليصل الرقم الإجمالي منذ بداية العام إلى نحو 420 طناً، وهو ما يتماشى مع مستويات العام الماضي.
ويلعب المستثمرون لاعتبارات اقتصادية، والبنوك المركزية لاعتبارات سياسية، دوراً رئيسياً في الارتفاع القياسي لأسعار الذهب.
ويسعى المستثمرون إلى تنويع محافظهم معتمدين على الوضع المستقر للذهب كملاذ آمن، بينما تتجه البنوك المركزية إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي باعتباره العملة الاحتياطية، ما يجعلها أقل تأثراً بالعقوبات الأميركية حال فرضها.
وتقوم بزيادة مستويات الاحتياطي لديها من الذهب استجابة للتوجه العالمي متعدد الأقطاب وتسليح الدولار الأمريكي.
ويشكّل شراء البنوك المركزية للذهب عاملاً استثنائياً لمعدلات الارتفاع القياسية التي يشهدها حالياً، وتشير إضافة الذهب لأسباب سياسية بدلاً من الاقتصادية إلى القابلية العالية للشراء، بينما تتجسد المخاوف الرئيسية في استمرار الاستثمار عوضاً عن جني عوائده. وتأتي هذه الجوانب الاستثمارية في صميم مكانة الذهب طويلة الأمد بوصفه معدن نقدي، كما تستند إلى حجم سوق الذهب الكبير مقارنة بسوق الفضة، وتصل قيمة المعروض السنوي من الذهب إلى 600 مليار دولار أميركي وفق الأسعار الحالية مقابل أقل من 45 مليار دولار أميركي من الفضة، ما يجعل سوق الفضة أكثر عرضة لتقلبات الأسعار الحادة والسريعة، كما يزيد شدة تأثرها بالدولار الأميركي ومعدلات الفائدة الأميركية.
وإضافة إلى ذلك، يأتي نصف مستوى الطلب العالمي على الفضة من التطبيقات الصناعية، مثل الإلكترونيات والخلايا الشمسية، ما يعزز ارتباط الفضة بالدورة الاقتصادية بشكل كبير.
ويشهد الطلب الصناعي على الفضة تقلبات صعوداً وهبوطاً ضمن الدورة التجارية، ليعوّض في بعض الأحيان الطلب من المستثمرين، وهو ما لا يحدث للذهب نظراً لمحدودية استخدامه في التطبيقات الصناعية.
وغالباً ما تتم المقارنة بين الذهب والفضة ويتم استخدام المعدل السعري بينهما لتقييم مستوى الجاذبية لكل منهما. ويرتبط الذهب، الذي يمثل السوق الأكبر، بالفضة، حيث يقود عادة تغيرات الأسعار وتتبعه الفضة.
ويشكّل الذهب الملاذ الأكثر أماناً في الأسواق المالية، حيث يدعم محافظ التحوط خلال الأزمات، بينما تفتقد الفضة هذه المزايا بسبب خصائصها المرتبطة بالدورة الاقتصادية.
ويلعب كل من الذهب والفضة دوراً أساسياً في التحوط لمواجهة تراجع الدولار الأميركي، إلّا أن الذين يعتمدون على الفضة يواجهون مستويات أكبر من التقلبات مقارنة بنظرائهم الذين يستخدمون الذهب. وتشتهر الفضة بكونها أكثر ملاءمة للمضاربة منها لتنويع المحافظ الاستثمارية.