مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
لا شكّ أنّ النافعة عاشت صراعات وتحديات كبيرة نتيجة الأزمات التي لا تنتهي في بلدنا لبنان. عاشت فترة طويلة من الإغلاق، ومنها الفوضى والتسكير والمحسوبيات والفساد والإفلاس، وها هي اليوم تعاود عملها بشكلها الطبيعي. ومنذ اللحظة الأولى التي دخل فيها لبنان مرحلة الخطر الأمني والسياسي والاقتصادي، تزامنًا مع ثورة 17 تشرين عام 2019، وحركة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لم تكن بأفضل حالها، دخلت النافعة أيضًا في مشاكل كبيرة ومصيرية أرجعتها سنوات إلى الوراء.
كما واجهت العديد من التحديات بدءًا من الفوضى الكبيرة وتراكم للمعاملات التي امتدت على مرّ السنين، وصعوبة تسهيل وإنهاء الإجراءات على المواطنين. وتأثرت في الفترة الأخيرة بالأزمة الاقتصادية وانهارت مع انهيار العملة الوطنية أمام الدولار.
مرحلة جديدة
واليوم، يبدو أنّنا على أعتاب مرحلة جديدة تعيد صياغة العلاقة بين المواطن اللبناني وإدارة النافعة، إذ تشهد تحولًا لافتًا يعيد إلى دفاتر السوق هيبتها وشرعيتها. هذا التّطور، يأتي بعد سنواتٍ من الفوضى التي عكست سمعةً سيئةً للنافعة، بعد أن كان المواطن اللبناني يشكو من تدهور مستوى الخدمة، وفقدان دفاتر السوق. وبات اليوم يتسلمها بعد اجتياز امتحانات فعلية تثبت قدرته وكفاءته على القيادة. والإدارات المعنية أبدت رضاها الكبير عن النتائج الحالية، معتبرةً أن هذه الإصلاحات جاءت لتعيد ضبط الأمور وفق معايير مهنية صارمة. كما أنّ الرأي العام بدأ يلتمس الفرق الواضح بين المرحلة السابقة والحالية، حيث أصبحت الشفافية والكفاءة عنوانًا رئيسيًا للعمل.
معاملات النافعة تتحول إلى "ليبان بوست"
جاء قرار تحويل قسم من معاملات النافعة إلى مؤسسة ليبان بوست كخطوة إصلاحية تهدف إلى تخفيف الضغط عن الدوائر الرسمية وتقليص فرص الفساد المباشر. فشبكة فروع ليبان بوست الواسعة تتيح للمواطن إنجاز معاملاته من منطقته بدل التوجه إلى المراكز المركزية المكتظة، فيما يُفترض أن يؤدي اعتماد المكننة والدفع الإلكتروني إلى الحدّ من التعامل النقدي المباشر، وبالتالي تقليص منافذ الرشوة.
وبحسب بيار مسعد، (معقّب معاملات في النافعة ويعلّم القيادة عن طريق الكمبيوتر) هذه الخطوة ستسهّل الخدمة، تقصّر الوقت، وتخفف الاحتكاك بين المواطن والموظف الرسمي. فهل سيُحارب الفساد؟
إنّ نقل معاملات النافعة إلى ليبان بوست يشكل تقدّمًا ملموسًا على كافّة المستويات، سيّما مستوى الخدمة اليومية للمواطن، ويضيّق هامش الفساد الذي كان يثقل كاهله، لكنه لا يعالج وحده جوهر المشكلة، إلا أنّ المعركة الحقيقية لمحاربة الفساد بالكامل، تتطلّب خطّة إنقاذية شاملة تهدف إلى تنظيم العمل الداخلي والخارجي في النافعة، بدءًا من أصغر معاملة وأصغر موظف، حتّى أكبر مشاكلها.
النافعة تتحوّل إلى الرّقمي
وفي حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، يؤكد بيار مسعد أنّنا " تخلينا عن الورق وتوجّهنا إلى الحلول الرقمية في معاملاتنا الورقية. ومن يريد أن يتعلم القيادة، سيجلس لفترةٍ من الوقت أمام شاشة الكمبيتور ونبدأ بالعمل النظري، وهو الأهم برأيي".
ويقول:" هذا التّحوّل الرقمي، هو خطوة لاستعادة هيبة النافعة وبالتالي لانتقال لبنان نحو مصاف الدول المتقدمة، ما يعكس طموحًا وطنيًا لتجاوز العقبات وبناء مؤسسات حديثة تلبي تطلعات المواطن اللبناني. واليوم، بتنا نلتمس مع العهد الجديد والإدارة الجديدة، تحسنًا في الخدمات وروحا جديدة تعكس التفاؤل بيننا كموظفين".
ويلفت إلى "أنّ الوضع اليوم بأفضل حاله فالعمل الجدّي عاد مجددًا وزحمة النّاس استرجعت قواها. ففي اليوم الواحد، نسجّل ما لا يقلّ عن الـ 600 سيارة. لكنّنا سنرفض التغاضي عن مسؤوليات من لم يقم بما يسمى "الجزى الوكالي" فنحن نعلم أنّ الوكالة تخدم لمدّة شهرين. وبعد هذه الفترة، سيتوجّب علينا محاسبة الشخص بالقانون، وسيدفع شهريًا 4 مليون أي حوالي الـ500 دولار للسنة الواحدة. ونطلب ترؤفًا بوضع هذا الشعب الصعب، أن يُطبّقَ عفوًا عامًّا على الوكالات".