عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
مساء السبت المنصرم، وبعد مسار طويل دخل فيه أكثر من وسيط داخلي وخارجي، بادر فضل عبد الرحمن إشمندر (المعروف فنياً بفضل شاكر) إلى تسليم نفسه لدورية تابعة لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني عند حاجز الحسبة، أحد مداخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان. وتشير معلومات “الأفضل نيوز” إلى أن خطوة شاكر جاءت بعد تبادل رسائل تضمنت “ضمانات” بإجراء محاكمة “عادلة”.
شاكر الذي ذاع صيته خلال مرحلة “الثورة السورية”، وخلال مرحلة نشاط جماعة أحمد الأسير بين أعوام 2011 و 2013، بدعمه لها وبهجومه المتكرر على حزب الله والجيش اللبناني، وصولاً إلى توجيه تهديدات بالقتل، حاول في الأشهر الماضية التنصل من التهم الموجهة إليه.
فقد خرج ببيان وبمقابلة إعلامية عرض فيها روايته لتلك المرحلة، متحدثاً عن “مظلومية” تعرّض لها، لكنه تجاهل الإجابة عن أسئلة جوهرية، مثل دوره في دعم مجموعة أحمد الأسير. وفُهم في حينه أن المقابلة جاءت في سياق تمهيد لتبرئته، خصوصاً أن بعض الأحكام التي صدرت بحقه — والتي لا تقل عن 15 عاماً — بُنيت على معطيات معينة قبل أن يُعاد النظر فيها وإسقاطها كلها، وهو ما يمهد اليوم لإعادة محاكمته بظروف أخرى.
ويخضع فضل شاكر حالياً للتحقيق في المقر الرئيسي لمديرية المخابرات في اليرزة، على أن يُحال إلى المحكمة العسكرية حيث ستبدأ محاكمته بالتهم الموجهة إليه، والتي تتراوح بين الانضمام إلى “عصابة أشرار”، الدعوة العلنية إلى القتل، المشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني، وبث النعرات والتحريض الطائفي ، ومن المتوقع أن يكون مسار الجلسات طويلاً بالنظر إلى ضخامة الملفات وتشعبها.
غير أن تسليم شاكر نفسه لم يبدُ معزولاً عن تدخلات سياسية وأمنية أتاحت له هذه الخطوة، ما يثير خشية من تسريع محاكمته للتوصل إلى “تسوية” لهذه القضية العالقة منذ أكثر من عشر سنوات ، وتتعزز الشكوك مع أداء المحكمة العسكرية التي تُتَّهم في الآونة الأخيرة بالتساهل في قضايا حساسة، سواء في ملفات العمالة أو في قرارات إخلاء سبيل موقوفين بتهمة مشابهة تمس الأمن القومي للدولة.
وتكشف معلومات إضافية أن إحدى الدول العربية تلعب دوراً في خلفية “تسوية” ملف شاكر، على أساس إنهاء قضيته ونقله للعيش على أراضيها. وتستند هذه المبادرة إلى تبنّيه فنياً لا سياسياً، بعد ما قيل إنه خرج من “قوقعة التطرف” وعاد إلى الغناء. كما يُقال إن مستثمرين كباراً في مجال الإنتاج الفني يسعون إلى إغلاق ملفه نهائياً تمهيداً لعودته إلى الساحة الفنية. وقد حصلت تطورات سابقة في هذا السياق، كمثل تقصد المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب محاولة لقائه في مكانه داخل المخيم، إذ نجحت في مرة واحدة فقط. وأتى ذلك على سبيل تسجيل أغانٍ وبحث في تعاون فني بين الجانبين. هذا التطور أثار توترات بينه وبين بعض رعاته السابقين من قادة التنظيمات السلفية المتطرفة داخل مخيم عين الحلوة، حيث كان يتحصن لسنوات.