ترجمة - الأفضل نيوز
يستكشف تقرير بصحيفة نيويورك تايمز الصدمة العميقة والانقسام والعزلة الدولية التي تجد إسرائيل فيها نفسها بعد عامين من هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما يصف الدمار المروع واليأس الذي يخيم على غزة.
ويؤكد الكاتبان في الصحيفة روجر كوهين، الذي عمل مراسلًا صحفيًّا في الشرق الأوسط لعقود وأمضى عدة أسابيع في إسرائيل مؤخرًا، وساهر الغرة، الذي غطّى الحرب في غزة منذ بدايتها، أن إسرائيل أمة يتملكها الرعب والانقسام.
فبعد عامين من هجوم حماس الذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص وأسفر عن احتجاز عدد آخر من الأسرى، يرى الكاتبان أن إسرائيل تعاني من جراح عميقة وانقسام داخلي، ويقف كيبوتس نير عوز، حيث قُتل أو اختُطف أو فُقد 117 شخصًا من سكان الكيبوتس البالغ عددهم 384 نسمة، شاهدًا على الصدمة المُجمدة.
وتُشير أولّا ميتزغر، إحدى العائدات من سكان كيبوتس نير عوز، إلى أن "كل حديث ينتهي في السابع من أكتوبر"، ويُشير زوجها، نير ميتزغر، السكرتير العام للكيبوتس، إلى "نقاش محتدم" حول ما إذا كان ينبغي هدم المنازل المحروقة للسماح للمجتمع "بالمضي قدمًا" أو الحفاظ عليها كنصب تذكاري.
كما زعزعت الحرب صورة إسرائيل الذاتية، وفقا لكوهين والغرة، إذ أسفرت عملياتها العسكرية في غزة عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتسببت في دمار هائل لدرجة أن معظم العالم يتهمها الآن بالإبادة الجماعية، ومما يزيد الطين بلة، تزايد معاداة السامية، وهو ما يعكسه الهجوم الذي شن على كنيس يهودي في مانشستر بإنجلترا.
ويصف الكاتبان الخسائر البشرية والشروخ المجتمعية التي تعاني منها إسرائيل، فقد دب الإرهاق النفسي والجسدي بينهم، وخاصة الـ295 ألفا من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم مرارًا وتكرارًا، كما شهدت البلاد هجرة 83 ألف إسرائيلي في عام 2024، أي بزيادة 50% عن العام الذي سبق ذلك، أما الخسائر النفسية فيصفها الكاتبان بأنها هائلة، إذ انتحر 7 من أفراد الجيش الإسرائيلي في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب وحدهما.
كما "تحطم" الشعور بالمسؤولية الجماعية، التي هي أمر أساسي في المجتمع الإسرائيلي، وفقًا للكاتب والمؤرخ الإسرائيلي غيرشوم غورنبيرغ.
لا تزال معاناة الأسرى الإسرائيليين، الذين احتُجز بعضهم لأكثر من 725 يومًا، تُشكل جوهر الصدمة التي تعيشها إسرائيل، فقد أدت هذه الأزمة المطولة إلى غضب واسع النطاق وقناعة بأن أحد ثوابت الديمقراطية الإسرائيلية قد هُدم، وفقًا للكاتبين.
وهنا نسبا لوزير الدفاع ورئيس الأركان السابق موشيه يعلون قوله تعبيرًا عن غضبه مما آلت إليه الأمور: "لقد ضللنا الطريق… هل هذه هي قيم دولة إسرائيل؟"، واصفًا الحكومة الحالية بأنها "قيادة استبدادية عنصرية حاقدة فاسدة وتتعرض للمقاطعة".
ويقول الكاتبان إن النقاد يتهمون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوضع مصالحه السياسية الشخصية فوق المبدأ الوطني المتمثل في عدم ترك أي جندي خلفه، ويوضحون أنه أعطى الأولوية لتجنب التحقيق في عملية السابع من أكتوبر، ويربطون ذلك جزئيًّا بسياسته الراسخة في "دعم حماس لإبقاء الحركة الوطنية الفلسطينية منقسمة".
وفي المقابل، دافع مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، عن نتنياهو، قائلاً: "قد لا يتمتع بمصداقية في العالم، لكنه رأى السابع من أكتوبر بمثابة استدعاء للتاريخ، فصعد إلى مستوى المسؤولية".
وقبل الختام، يصر الكاتبان على أن هذه الحرب الطويلة حولت الشباب الإسرائيليين من جيل تيك توك إلى جيلٍ مُصاغ في بوتقة عنفٍ لا تعرف إلا القليل من القيود، ولم يتضح بعد كيف ستؤثر هذه التجربة عليهم، وما الصدمة التي سيحملونها، لكنها ستؤثر بشدة على المسار الذي تسلكه إسرائيل، وفقًا للكاتبين.
ويؤكدان أن الشيء نفسه يمكن أن يقال عن الفلسطينيين، الذين قُتل وشُرد وجُرح الكثيرون منهم، وتبددت طموحاتهم الوطنية رغم كل كلمات الدعم التي يسمعونها من عالمٍ ساخط.
ويختمان بقول رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض قبل 32 عامًا في زمن الأمل الذي صادف نهاية القرن الـ20: "كفى دماءً ودموعًا. كفى"، لكن تعطش هذا القرن للدماء أثبت حتى الآن أنه لا يُروى، وفقًا للكاتبين.