مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
بحسب أرقام "البنك الدولي" الأخيرة المتعلّقة بالأمن الغذائي، ارتفعت أسعار الغذاء في لبنان خلال الأشهر الـ11 الأخيرة بشكل كبير، إذ لم ينخفض معدّل التضخم الشهري عن 20%، فيما بلغ معدّل ارتفاع الأسعار نحو 21.4%، وهي من أعلى النسب المسجّلة بين الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى.
وبحسب ما قاله رئيس جمعية المستهلك، "أسعار السلع والخدمات في لبنان قفزت إلى مستويات تفوق ما كانت عليه قبل عام 2019 بكثير؛ إذ ارتفعت تكلفة الفاتورة اليومية تقريباً في كل القطاعات". فلماذا كل هذا الغلاء؟
منذ اندلاع الأزمة المالية عام 2019 وحتى خريف 2025، تغيّرت المائدة اللبنانية جذرياً، لا بالليرة فحسب، بل بالدولار أيضاً. فقد ارتفعت أسعار السكر والشاي والبن والأرز والزيت والحليب المجفف بأضعاف مضاعفة، حتى باتت السلة الغذائية بالدولار أغلى بنحو مرتين أو ثلاث مرات مما كانت عليه قبل الأزمة، في وقت تراجعت فيه الأجور الفعلية إلى أقل من نصف قيمتها السابقة.
ووفق World Bank، سجّل لبنان أعلى نسبة تضخم في أسعار الغذاء بين الدول، إذ بلغ التضخم الإسمي في بعض الفترات نحو 352%. ويشير تقرير صادر عن Credit Libanais إلى أنّ التضخم السنوي لأسعار الغذاء في لبنان بين تموز 2022 وتموز 2023 بلغ نحو 279% إسميًا، فيما يبقى العامل الحقيقي (بعد احتساب التضخم العام) أقل بكثير. وبحسب وثيقة صادرة عن Ministry of Economy and Trade (Lebanon) حول مؤشر أسعار الغذاء في مارس 2025، فإن المؤشر الغذائي الوطني بلغ حوالي 143.8 نقطة، ما يبيّن استمرار الضغوط على أسعار الغذاء رغم بعض الاستقرار النِّسبي.
التلاعب والفساد
شهد لبنان في السنوات الأخيرة أزمات متتالية أثرت بشكل مباشر في حياة اللبنانيين، لا سيما نتيجة الحرب والصراعات المسلحة التي أدت إلى تدمير المنازل، نزوح السكان، وفقدان مصادر الرزق. وما حصل مع نور (موظفة فقدت منزلها في البصورية) ليس سوى القليل مما يعيشه أهالي المنطقة.
فمع بداية الأزمة، فقدت نور شقتها التي كانت ثمرة ادخار طويل بعد أن تعرّضت لضربة إسرائيلية مدمرة جنوبي لبنان. وكانت قد احتفلت بزفافها وانتقلت إلى هذا المسكن الجديد، إلا أن القصف تركها بلا مأوى. اضطرت نور للنزوح شمالاً واستئجار مسكن مؤقت، بينما عانى شقيقاها المصير نفسه، إذ فقدا شقتيهما أيضاً بعد أن استقرا هناك عقب زواجهما. فهُم اليوم بلا مأوى ولا طعام ولا من يبالي، بل على العكس، مع كل أزمة يتضاعف الغلاء.
مع كلّ أزمةٍ يمرّ بها المواطن اللبناني، يتوقع تلقائياً أنه سيُسرق، على اعتبار أن "الطاسة ضايعة"، نتيجة الضرائب في الموازنة، والاحتكار، وغياب الرقابة، وغيرها من أشكال الفساد. وبحسب تقارير وزارة الاقتصاد وبرنامج الأغذية العالمي WFP، هناك بالفعل ممارسات احتكارية وتلاعب بالأسعار من بعض السوبرماركات الكبيرة خلال الأزمة وبعدها.
وبحسب مصادر خاصة لموقع "الأفضل نيوز"، رفضت مدينة زحلة والبقاع ككل أن تهيمن هذه المؤسسات على المنطقة وأن يتم التلاعب بأسعار المواد الغذائية، وخير دليل على ذلك رفض وجود هذه السوبرماركات الضخمة، والاعتماد على المتاجر الصغيرة وتشجيع أصحابها من أبناء البلدة. فهل يكون هذا المثال كفيلاً بحلّ الأزمة؟

alafdal-news
