يارا أيوب - خاص الأفضل نيوز
أيام قليلة تفصلنا عن نهاية هذه السنة، فهل يخبّئ لنا كانون بياض الثلج في عيده أم سيغيب؟ لم يشهد لبنان موسمه المعتاد لا من أمطار، ولا من ثلوج تلوح في الأفق. فلبنان الذي كان يوصف بسحر فصوله، اختبأ وراء ظلال التعب والحرب، ومرّ به فصل الشتاء مرور الكرام، الأمر الذي نتج عنه آثار سلبية على الوضع الاقتصادي، السياحي، والزراعي على حدٍّ سواء.
دوّن الأستاذ سيزار قيصر، المختص بالأرصاد الجوية، عبر منصة فيسبوك، معلومات مفادها أن كمية المتساقطات لم تتجاوز 33 ملم في البقاع الغربي، مضيفًا أن انهيار القبة القطبية الذي سبّبه احترار طبقة الستراتوسفير، يبشّر بالأمطار المتفرقة بحلول نهاية هذا العام.
وكان موقع الأرصاد الجوية اللبنانية قد نشر بأن طقسًا خريفيًّا متقلِّبًا وماطرًا أحيانًا، مع احتمال حصول عواصف رعدية ورياح ناشطة، سيُسيطر على لبنان حتى نهاية الأسبوع الجاري، فقد نشاهد الثلوج تتساقط على القمم التي يتخطى ارتفاعها الـ ١٧٠٠ متر، ولكنها لن تكون كالمتوقع.
في لبنان، تختلف كمية الأمطار بشكل كبير بين المناطق الجبلية والساحلية. وتُعتبر مياه الأمطار المخزّنة في باطن الأرض، كمياه جوفية، أساسية لاستدامتها، فالأخيرة تشكّل المخزون الأول لفصل الصيف، وقطاع الإنتاج الزراعي بشكل أساسي.
ومن المنظور السياحي الاقتصادي، يشكّل التزلج العمود الفقري للموسم السياحي الشتوي في لبنان، الذي يتميز بقرب العاصمة من منتجعات التزلج، ما يعطيه فرصة للمنافسة مع الدول الأخرى. وفي ظل المتساقطات المنخفضة حتى اليوم، لا سيما الثلوج، فقد يتأخر موسم التزلج، مما سيؤدي إلى تراجع السياحة الثلجية في المناطق الجبلية، بعدما كان حافلًا في السنوات المنصرمة، والتي شهدت حركة جذب للسياح العرب كما الأجانب على حدّ سواء.
كذلك، فإن الاقتصاد المحلي القائم على حجوزات النقل، والفنادق، والمطاعم، ومتاجر الألبسة قد يتأثَّر سلبًا.
بالإضافة إلى ما سبق، تطال التداعيات السلبية لتدنّي المتساقطات معدلات إنتاج المحاصيل الزراعية، خصوصًا في ظل انخفاض مستويات المياه الجوفية، فضلًا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، الذي بدوره يساهم في ارتفاع أسعار المنتوجات الزراعية، والأعلاف، والسلة الغذائية، كما يضاعف من احتمالية وقوع التصحر وتآكل التربة مستقبلًا.
في النهاية، إن الحلول المقترحة مرهونة بدعم الحكومة، سواء عبر إطلاق مشاريع دعم للمزارعين، وتأمين الأعلاف للمواشي، أو من خلال تحسين إدارة المياه وتوزيعها، وبناء السدود، واعتماد طرق الري بالتنقيط. وأمام التقدم التكنولوجي المعاصر، الذي شهد ابتكارات زراعية ترتكز على الأسلوب المستدام في الزراعة، كما الزراعة بدون تربة، فلا شك أن تبنّي مثل هذه التقنيات أصبح من الأولويات التي يجب على الحكومة اللبنانية تحقيقها في المستقبل القريب.
أخيرًا، لا يمكننا أن ننسى الجهود الدؤوبة للوزير حسن مراد، الذي كان ولا يزال من السبّاقين في دعم المزارعين، لا سيما المزارع البقاعي الذي غابت عنه الدولة مرارًا وتكرارًا. فنأمل أن تكون هناك مبادرات حكومية تمتد على مساحة الوطن اجتماعيًا، زراعيًا، اقتصاديًا وسياحيًا، تؤول إلى التخفيف من أضرار أزمة شحّ المياه.

alafdal-news
