نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
مع الانتشار السريع لوسائل التواصل الاجتماعي خلال العقد الأخير، أصبح لهذه المنصات تأثير كبير على مختلف جوانب الحياة اليومية، لا سيما على العلاقات الأسرية والانتماء الاجتماعي للشباب. وقد أصبحت هذه الوسائل جزءًا لا يتجزأ من نمط الحياة الحديث، إذ يقضي الشباب ساعات طويلة يوميًّا على التطبيقات الرقمية مثل فيسبوك، إنستغرام، تيك توك، وتويتر، ما يترك أثراً ملموساً على طريقة تواصلهم مع الأسرة والمجتمع.
السوشيال ميديا والعلاقات الأسرية
تشير معطيات اجتماعية إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على العلاقات الأسرية بعدة طرق.
أولاً، يؤدي الاستخدام المكثف إلى تراجع التواصل المباشر بين أفراد الأسرة، حيث يفضل الأبناء التواصل مع أصدقائهم عبر الشاشات بدلاً من الحوار وجهاً لوجه مع الوالدين أو الأشقاء.
هذه الظاهرة قد تؤدي إلى فجوة جيلية بين الأجيال، نتيجة اختلاف مستويات استخدام التكنولوجيا والاطلاع على المحتوى الرقمي، وهو ما يضع تحديًا أمام الآباء في متابعة حياة أبنائهم الرقمية وفهم اهتماماتهم".
ومع ذلك، توضح أن "ليس من الضروري أن يكون كل أثر سلبيًّا، إذ يمكن أن يكون الاستخدام المعتدل لوسائل التواصل وسيلة لتعزيز الروابط الأسرية. فعلى سبيل المثال، يمكن للوالدين مشاركة الصور والفيديوهات العائلية أو متابعة أنشطة الأبناء عبر هذه المنصات، ما يعزز التفاهم والتواصل بين الأجيال ويتيح فرصة للحوار والمشاركة في الأحداث اليومية. كما يمكن للتفاعل الرقمي أن يكون جسراً لتقوية العلاقة بين أفراد الأسرة الذين يعيشون في أماكن مختلفة، من خلال مكالمات الفيديو أو مجموعات الدردشة العائلية".
السوشيال ميديا وهوية الشباب
على الصعيد الاجتماعي
تؤكد المعلومات الاجتماعية أن "وسائل التواصل الاجتماعي توفر فرصاً كبيرة للشباب للتعرف على آراء وثقافات متنوعة، ما يمنحهم شعوراً بالانتماء إلى مجتمعات أوسع خارج نطاق الأسرة والمحيط المحلي. ومن خلال هذه المنصات، يستطيع الشباب التعبير عن هويتهم الرقمية ومشاركة اهتماماتهم وأفكارهم، ما يساهم في بناء شخصيتهم الاجتماعية ويعزز شعورهم بالانتماء إلى فئات أو مجموعات تشاركهم القيم والهوايات نفسها".
وترى أنه "مع ذلك، هناك آثار سلبية محتملة، إذ قد يؤدي الإفراط في استخدام هذه المنصات إلى ضعف الانتماء للمجتمع المحلي، حيث ينشغل الشباب بالفضاء الافتراضي أكثر من تفاعلهم مع محيطهم المباشر. كما يمكن أن يعزز التواجد المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي شعور المقارنة المستمرة مع الآخرين، ما يؤدي أحيانًا إلى الإحباط أو القلق أو الشعور بعدم الكفاءة".
الأبعاد الاجتماعية الأوسع!
وفي سياق متصل، تبيّن المعطيات أن "وسائل التواصل الاجتماعي ليست مجرد وسيلة للتواصل الشخصي، بل أصبحت عنصراً مؤثراً في تشكيل القيم والسلوكيات الاجتماعية. فالشباب يتأثرون بما ينشره المؤثرون أو الشخصيات العامة على هذه المنصات، ما يعيد تشكيل مفاهيمهم عن الحياة والمجتمع. وفي الوقت نفسه، توفر المنصات فرصة لتعزيز المبادرات الاجتماعية والتضامن المجتمعي، إذ يمكن استخدامها لنشر الوعي حول قضايا مثل البيئة، الصحة العامة، أو حقوق الإنسان، وتنظيم حملات تطوعية، وجمع التبرعات للفئات المحتاجة، ما يعزز شعور الشباب بمسؤوليتهم تجاه المجتمع ويقوي الروابط المجتمعية". مشيرةً إلى أنه "لا يمكن تجاهل المخاطر الاجتماعية، إذ قد تصبح هذه المنصات أداة لتفاقم الانقسامات الاجتماعية ونشر الأخبار المزيفة أو التحريض على الصراعات، ما يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي ويزيد من شعور بعض الفئات بالعزلة أو التهميش. كما يمكن أن تؤثر على الانخراط السياسي والاجتماعي الواقعي، حيث يقضي الشباب وقتًا أطول في النقاشات الافتراضية دون المشاركة الفعلية في المجتمع المحلي".
وسائل التواصل الاجتماعي: سلاح ذو حدين
في خلاصة الأمر، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين؛ فهي تمتلك القدرة على تعزيز الروابط الأسرية والانتماء الاجتماعي وإشراك الشباب في المجتمع عند استخدامها بشكل متوازن، لكنها قد تضعف هذه الروابط وتزيد الانقسامات عند الإفراط أو الاستخدام السلبي. لذا، يصبح الوعي الأسري والمجتمعي حول الاستخدام الصحيح للمنصات الرقمية ووضع حدود صحية للتفاعل الرقمي أمرًا ضروريًّا للحفاظ على توازن العلاقات الأسرية، وتقوية الانتماء الاجتماعي، وتعزيز المسؤولية المجتمعية لدى الشباب. ولا يمكن أن ننكر بأن التربية الرقمية والتعليم على مهارات الاستخدام المسؤول يمثلان عنصرًا أساسيًّا لتمكين الشباب من الاستفادة من هذه المنصات بطريقة إيجابية، دون أن تؤثر سلباً على حياتهم الأسرية أو المجتمع الذي ينتمون إليه.

alafdal-news
