كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
جاءَ ردّ حركة "حماس" بالتّشاور والتّنسيق مع حلفائها في فصائل المقاومة الفلسطينية على "اتفاق - الإطار" الذي توصّل إليه في باريس رؤوساء أجهزة الأمن في كلٍّ من أميركا ومصر وقطر والعدو الإسرائيلي، بما يتناسب مع مصلحة الشّعب الفلسطيني وحقوقه، وتحقيق انتصار سياسيّ وحقوقيّ ومعنويّ، بعد الصّمود العسكريّ على مدى أربعة أشهر في غزة، التي دمّرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فانهزم هو وبدأ بالانسحاب، وبقيت "حماس" ومعها حركات المقاومة الفلسطينية، فسقطت أهداف الحرب الإسرائيليّة التدميريّة، التي أعلنها رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي رفع سقف شروطه، وعلّق على الشجرة في غزة، ولم يستطع النّزول عنها، بالرّغم من الدّعم العسكريّ والماليّ والسياسيّ الأميركيّ للكيان الصّهيوني، كي يبقى ويقوى على من يهدّد وجوده، سواء "حماس" أو غيرها.
فالاتّفاق - الإطار للدّول الأربع، لم ترفضه حركة "حماس"، كما توقّع العدوُّ الإسرائيليُّ، وخرجت فصائل المقاومة بعد درسه ومناقشته، بردٍّ موضوعيٍّ وواقعيٍّ وعقلانيٍّ، وينطلق من بديهيّة أولى عند نشوب حرب، وهي وقفها، وهذا ما لم يرد في بنود الاتفاق بشكلٍ واضحٍ، ولم يقدّم كأولويّة، بل تبادل رهائن وأسرى، وفق مصلحة أميركا وإسرائيل، دون أن يعطى الفلسطينيون حقًّا طبيعيًّا لهم بتحرير أسراهم وهذا كان هدف عمليّة "طوفان الأقصى"، ومن دون الوصول إلى هذا المطلب الفلسطيني، فإنّه يدخل في إطار تحقيق نصر لنتنياهو وهو المأزوم سياسيًّا والمنهوك شعبيًّا.
فأميركا من رئيسها جو بايدن ومساعديه في الإدارة، يفتّشون عن إنقاذ إسرائيل وحكومتها من مأزقها، دون تقديم أيّ شيء للفلسطينيين سوى الكلام اللّفظي والوعود بحلّ الدّولتَين، قافزين فوق قرارات دوليّة، تعطي الشّعب الفلسطيني بعضًا من حقوقه في دولة، وهذا ما لم يطبّق في اتفاق أوسلو الذي مضى عليه أكثر من ٣٠ عامًا، وأسقطه نتنياهو عام ١٩٩٦، بعد مقتل اسحق رابين عام ١٩٩٥ الذي وقّع على الاتفاق مع ياسر عرفات عام ١٩٩٣.
فالجوابُ الفلسطينيُّ الّذي أرسلته "حماس" بواسطة مصر وقطر كدولتَين في اللّجنة الأمنيّة الّتي وقّعت الاتفاق - الإطار، واعتبرته الدّوحة إيجابيًّا ولم تعترض عليه القاهرة، لأنّ مدخل الحلّ هو وقف الحرب على غزة، والّتي يهرب منها العدو الإسرائيلي، حيث أعلن قادته وفي مقدّمهم نتنياهو ووزير الحرب يواف غالات، بأنّ العدوان لن يتوقّف قبل القضاء على "حماس"، والتي بحسب رئيس حكومة العدو، قد شارف اقتلاعها على نهايته، وأنّ ١٧ من أصل ٢٤ موقعًا عسكريًّا أساسيًّا، تمّ تدميرها، ولم يعد أمام "حماس" سوى الاستسلام.
هذه الغطرسةُ الإسرائيليّةُ، كانت الرّدّ على اتفاق باريس والذي أصبح في المرمى الصّهيوني، وما مدى دور واشنطن في دفع الحكومة الإسرائيلية بردٍّ إيجابيٍّ على ما أعلنته "حماس" بوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية وإعادة النازحين والمباشرة بالإعمار مع بدء انسحاب الاحتلال من غزة، على أن يتزامن ذلك مع مراحل بدء تبادل الأسرى من خلال لوائح، تشترط "حماس" أن يتمَّ تبييض السجون، بإخراج كلّ المعتقلين، وهذا ما رفضه العدو الإسرائيلي، إضافة إلى أنّ "حماس" سبق لها والتزمت في هدنات وأفرجت عن محتجزين إسرائيليين، لكنّ الإسرائيليين، لا سيّما المتطرّفين منهم كمثل إيثمار بن غفير، دعوا إلى مواصلة الحرب، حتّى لو تمّ القضاء على كلّ الأسرى الإسرائيليين، لأنّه بذلك سيتمُّ اقتلاع كلّ حركات المقاومة، وإدارة القضاء أمنيًّا من قبل العدوّ الإسرائيلي، الذي أعلن نتنياهو بأنّه يؤيّد وزراءه المتطرّفين، بترحيل الفلسطينيين.
لذلك، فإنّ "حماس" قامت بواجبها، في الرّد، الّذي وضعت متابعته في يد قطر ومصر، اللّتين عليهما، البدء بممارسة ضغوط دوليّة على إسرائيل، أوّلًا من أميركا، لوقف الحرب على غزة، لأنّه من دون ذلك، فإنّ الاتفاق سيكون حبرًا على ورق، حيث تؤكّد مصادر قياديّة في "حماس"، بأنّها لن تبيع دماء الشّهداء في فلسطين لأحد، وهي تعاطت بواقعيّة مع الاتفاق ووضعت مطالبها، وعلى أطراف الاتفاق ومنهم العدوّ الإسرائيلي، أن يقول كلمته، والتي تبدأ بوقف العدوان.
وأدخلت "حماس" ضامنًا دوليًّا لتطبيق الاتفاق وفق رؤيتها، وهو روسيا، التي باتت تربطها "بحماس" علاقات إيجابيّة، ظهرت في السّنوات الثّلاث الأخيرة، وبذلك يكون الوجود الروسي، أقام توازنًا مع أميركا المنحازة كليًّا للعدوِّ الإسرائيلي، وما يهمّها إطلاق الأسرى الإسرائيليين لتخفيف الضّغط الدّاخليّ عن نتنياهو.