أكرم حمدان - خاص الأفضل نيوز
تشي المعلومات المتوافرة والمتقاطعة من أكثر من مصدر وجهة، بأنّ تحرّك اللّجنة الخماسيّة المعنيّة بالملفّ اللبناني، والتي تضمّ سفراء السعودية ومصر وقطر وفرنسا وأميركا، قد تتحوّل في بعض المحطّات إلى ثلاثيّة أو ثنائيّة من خلال اللقاءات التي تنوي القيام بها مع القيادات والأقطاب اللبنانية في مهمة تهيئة الظّروف و"النّفوس" لإنتخاب رئيس للجمهورية.
فالمشهد الجامع الّذي ضمّ السّفراء الخمسة في عين التينة خلال اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، من الصعب تكراره مع بعض القيادات الأخرى، نظرًا لموقف بعض ممثّلي اللّجنة بأطراف معيّنة، فعلى سبيل المثال السفيرة الأميركية لا تلتقي برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بعد العقوبات الأميركية الصادرة بحقه، وكذلك حزب الله كما هو معروف، كما أن التواصل بين السفير السعودي والحزب مقطوع منذ زمن.
وما يؤكّد هذا التّوجّه التّحرّك اللّافت للسفير المصري علاء موسى، بعد اجتماع عين التينة، حيث التقى عددًا من القيادات بشكل منفرد، وسط معلومات تتحدّث عن شخصيّة الأخير التي تجمع بين الديبلوماسية المتقنة والإدراك التام للوضع اللبناني، الأمر الذي يمكنه من التواصل مع سائر الأطراف اللبنانية ممّا يشكل دفعًا لعمل اللّجنة الخماسيّة، والتي يستبعد بعض أعضائها انتخاب رئيس للجمهورية قبل حصول تهدئة في غزة، كما يحذر هذا البعض من حصول تسوية في غياب رئيس للبلاد بحيث يجلس المعنيون في هذه التسوية حول الطاولة فيما يوضع لبنان عليها.
وعلى الرغم من تعقيدات الوضع في غزة وارتداد ذلك على المنطقة بكاملها وليس فقط على لبنان، ودفعًا نحو منطق الفصل بين ملف الرئاسة في لبنان ونتائج الحرب في غزة، كشفت معلومات عن توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، للقيام بالمبادرة لإجراء حوار أو مشاورات مع الكتل النيابية تسبق الدعوة إلى جلسة انتخابية، قبيل بدء شهر رمضان المبارك في النصف الأول من شهر آذار المقبل.
وربما تأتي هذه الخطوة من باب التأكيد على الموقف اللبناني الرسمي الموحد والذي تم إبلاغه لكل الموفدين والمعنيين بالتزام لبنان بتنفيذ القرار 1701 الذي تُركّز عليه كلّ المبادرات والمقترحات، والطلب من هذه الجهات بإلزام إسرائيل تنفيذ بنود هذا القرار.
هذه المواقف تبلورت بشكل واضح وصريح من خلال الرّد على الورقة أو المقترحات الفرنسية التي حملها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، كما تمّ إبلاغ الموفد الأميركي الخاص آموس هوكستين في أكثر من مناسبة بهذا الأمر وكان آخرها منذ أيام خلال اللقاء الذي جمعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش مؤتمر الأمن في ميونخ.
وكان الرئيس بري ناقش الورقة بندًا بندًا، وقال ما حرفيّته: "بما أنّ القرار 1701 يمثل الإطار الناظم لكلّ ما يجري على الحدود، وبما أنّ لبنان يجد في القرار مصلحته الوطنية، ويريد التقيّد به، فإنّ الأفضل، هو عدم وضع اقتراحات لتفاهمات جانبية أو اتفاقات بديلة، وإنه يمكن العمل على تنفيذ هذا القرار".
وتوجّه بري إلى الوفد الفرنسي قائلاً: "اذهبوا وأقنعوا إسرائيل بتنفيذ القرار الدولي، والانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها، والتوقّف عن كلّ الخروقات البريّة والبحريّة والجويّة، وعندها ستجدون لبنان أكثر التزاماً بما يتوجب عليه وفق القرار".
وقد سمع الوفد الفرنسي رفضًا واضحًا لكلّ ما يُمكن وصفه بأنّه مقترح ترتيبات أمنية، فلا وجود لشيء اسمه ترتيبات أمنية بين لبنان وإسرائيل، وأنّ لبنان يرى في الورقة نفسها خرقًا للقرار 1701، والسؤال: أين هو دور اليونيفل؟ ولماذا لا تتولّى هي المراقبة؟
وكانت وكالة "رويترز" كشفت في وقت سابق عن أن فرنسا قدمت اقتراحًا مكتوبًا إلى لبنان يهدف إلى إنهاء الأعمال القتالية مع الاحتلالِ الإسرائيلي والتوصل إلى تسوية بشأن الحدود بين لبنان وكيان الاحتلالِ الإسرائيلي، وقالت بأن الوثيقة أو المقترح تدعو المقاتلين، بما في ذلك وحدة النخبة التابعة لـ"حزب الله"، إلى الانسحاب مسافة 10 كيلومترات عن الحدود.
تبقى الإشارة إلى أنّه وفي ظلّ التعنّت الصهيوني والتّدمير والذّبح والقتل والإبادة الّتي تُمارس في غزة بحقّ الشّعب الفلسطيني، وبعد المجازر التي ارتكبت بحقّ المدنيين في الجنوب اللبناني، بات المطلوب من الموفدين الدوليين التّركيز والضّغط على قادة الكيان المحتل لوقف العدوان، وبات المطلوب وطنيًّا وداخليًّا الجلوس حول الطاولة والحوار الجدّي والحقيقي من أجل التّوصّل إلى تفاهمات تؤدّي إلى إنهاء الشّغور وانتخاب رئيس للجمهورية وتعزيز وتمتين الوحدة الوطنية الداخليّة التي تحمي لبنان من أيّ عدوان مُحتمل.

alafdal-news
