ليديا أبو درغم – خاصّ الأفضل نيوز
تشهد منطقة الشرق الأوسط، ارتفاعاً في وتيرة التصعيد في ساحات متعددة، منها اليمن والعراق وسوريا ولبنان، إلى جانب البحر الأحمر وبحر العرب، وذلك على وقع استمرار الصراع الذي انطلقت شرارته من قطاع غزة، بعد عملية السابع من أكتوبر 2023.
ونظراً لأهمية الموقع الاستراتيجي لتلك المنطقة في السياسة الدولية لما يشكّله من نقطة تماس بين القارات الأوروبية والآسيوية والإفريقية، تأرجحت معطيات التفاعلات الإقليمية الراهنة لكل المراقبين والمعنين بهذه الجغرافيا السياسية ما بين اتجاهين إما اتساع بؤر التصعيد الإقليمي بتزايد رقعة وكثافة المعارك في الإقليم، وإما الحرب الإقليمية الشاملة، والاتجاه الأول ربما هو الأقرب إلى الواقع بعد نأي القوى الإقليمية الكبرى بنفسها عن الانخراط في الحرب وتفاديها الدخول في تحالفات عسكرية على جبهات التصعيد مكتفية بالالتزام بخط الدبلوماسية، والتنسيق المشترك من أجل تبريد الساحة الإقليمية، إضافة إلى التركيز على القضية الرئيسية وهي القضية الفلسطينية.
وما بين الاتجاهين، تواجه دول المنطقة تحديات، خاصةً بالنسبة للمشروعات التي تتعلق بالتقدم الاقتصادي وجذب الاستثمارات أو مشروعات التنمية الاقتصادية بشكل عام، على اعتبار أن ما يحدث في الإقليم يؤثر في هذه المشروعات، إذ يكشف وضع الانتشار العسكري للأطراف الدولية والإقليمية عن أن الإقليم في حالة ذروة انتشار عسكري، وأن الانتشار هو انعكاس لاستجابة طوارئ أمنية، مع عدم امتلاك أي طرف "استراتيجية ردع".
وعليه، يمكن القول إن هناك حرباً في الإقليم، وليس حرباً إقليمية، ومع ذلك فإن الصراعات في الإقليم غير قابلة للحسم العسكري، ولم تُحسم بالتسويات في نفس الوقت، ما يُرجّح إمكانية استمرار الوضع القائم، لفترة ما. كما يطرح الواقع الإقليمي الحالي الكثير من التساؤلات حول موقف الصين، وطبيعة الترتيبات بين الولايات المتحدة والصين، وثمّة توقعات بأن واشنطن لن تنفرد بترتيبات أمن الإقليم في المستقبل، خاصة بعد تدخلها بشكل مباشر في الحرب في غزة ما يؤكّد يوماً بعد يوم عن اللااستراتيجية والازدواجية في المعايير الأميركية تجاه المنطقة.
إن إقليم الشرق الأوسط قد يشهد مجموعة من التطورات، لاسيما مع استمرار التأثيرات الإقليمية للحرب الإسرائيلية على غزة وعرقلة محاولات أميركا للتطبيع بين الكيان والمملكة السعودية، بجانب محاولات صينية وروسية للانخراط في تفاعلات الإقليم بعد انسحاب متدرج لواشنطن وضبابية موقفها بعدد من أزمات الإقليم، فضلاً عن استمرار جمود تسوية الصراعات في عدد من البلدان العربية المأزومة، كما ستكون الأزمات الاقتصادية الممتدة أحد محاور التفاعلات الإقليمية، فمَن سيحسم ميزان الردع الإقليمي؟ وهل هناك رغبة لتأسيس قواعد جديدة لمعادلات التوزان في المنطقة، في سياق الخبرة البراغماتية ومصالح الأطراف؟.

alafdal-news
