رباب غملوش - خاصّ الأفضل نيوز
يعدّ الجهاز المناعي جِهاز الدِّفاع في الجسم، فهُوَ يُساعِدُ على الوِقاية من الأمراض والعَدوى، حيث يقُوم عادةً بمُهاجمة البكتيريا والفيروسات وخلايا السرطان التي تغزو الجسمَ.عندما يُصاب الشخص بمرضٍ للمناعة الذاتية، يقوم الجهاز المناعيّ بمُهاجَمة جسم المريض، ومثالٌ على هذا النوع من الأمراض مرض السكري من الفئة 1. فبعض هذه الأمراض تنتقل بشكل وراثي من أحد الوالدين أو كليهما، لذا، يطرح سؤال حول ما إذا كان لنوع الجنس علاقة مباشرة مع أمراض المناعة الذاتية؟.
قد تبين في وقت سابق أنّ للنساء نصيبًا أوفر من الرجال في الإصابة بمرض المناعة الذاتية. فلماذا تعاني النساء من أمراض المناعة الذاتية أكثر من الرجال؟.
اكتشف فريق دولي بقيادة علماء في جامعة ستانفورد تفسيرًا محتملًا للغموض البيولوجي الذي دام عقودًا من الزمن. نحو 80% من الأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية هم من النساء، مثل مرض الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي. هذه الأنواع من الأمراض تتلاعب بجهاز المناعة لدى الإنسان فتجعله يحارب الأنسجة السليمة. وقد طرحت مجلة Cell في بحث نشر يوم الخميس، أنّ الباحثين قدموا دليلًا جديدًا على أن جزيئًا يسمى Xist هو السبب الرئيس في هذه الأمراض. إذ تمتلك النساء عادةً اثنين من كروموسومات X (XX، بينما يمتلك الرجال عادةً كروموسومات X وY. الكروموسوم بشكل مختصر مسؤول عن عملية تصنيع البروتينات. يلعب هذا البروتين Xist دورًا حاسمًا من خلال تعطيل أحد كروموسومات X لدى النساء، مما يؤدي إلى إفراط كارثي في تجنب إنتاج البروتينات. ومع ذلك، وجد فريق البحث أنه في هذه العملية يقوم Xist أيضًا بتوليد مجمعات جزيئية غريبة مرتبطة بالعديد من أمراض المناعة الذاتية. وتعتبر مجمعات Xist وهي خيوط طويلة من الحمض النووي الريبي RNA المتشابكة مع الحمض النووي والبروتينات تؤدي إلى استجابة كيميائية لدى البشر، إنّها السّمة المميزة لأمراض المناعة الذاتية.
وفيما يخص أسباب إصابة الرجال في مثل هذه الأمراض، قال ديفيد كارب، رئيس قسم الأمراض الروماتيزمية في مركز UT Southwestern الطبي: "من الواضح أنه يجب أن يكون هناك تفسيرات أخرى؛ لأن عُشر مرضى الذئبة هم من الرجال، لذلك فهي ليست الإجابة الوحيدة، ولكنها جزء مثير جدًا من اللغز."
وكانت النظريات السابقة قد أشارت إلى أن عدم التوازن بين الجنسين في هذه الأمراض قد يكون ناجما عن الهرمونات الأنثوية الرئيسية، هرمون الأستروجين والبروجستيرون، أو مجرد وجود كروموسوم X ثان. بالإضافة لوجود حالات استثنائية تصيب الرجال الذين لديهم اثنين من كروموسوم X وكروموسوم Y واحد (XXY)، وهي حالة نادرة تسمى متلازمة كلاينفلتر klinefelter Syndrome. هؤلاء الرجال أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مما يشير إلى أنّ عدد الكروموسومات X يلعب دورًا مهمًا. وبما أن Xist في حد ذاته لا يكفي للتسبب في مرض مناعي ذاتي، فقد استخدم العلماء محفزًا بيئيًا للحث على مرض يشبه مرض الذئبة في هذه الفئران. ولاحظوا أن الفئران الذكور أنتجت بروتين Xist بمستويات قريبة من تلك الموجودة في الفئران الأنثوية العادية، وأعلى بكثير من تلك الموجودة في الفئران الذكور العادية. في البشر، يمكن للعوامل الوراثية والبيئية، مثل العدوى الفيروسية أو البكتيرية، والتي تساعد في تحفيز أمراض المناعة الذاتية.
وصرح جيفري أ. سباركس، طبيب مشارك ومدير قسم الأورام المناعية والمناعة الذاتية في مستشفى بريغهام والنساء، إنه سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يمكن لخيارات العلاج المتاحة الآن أن تتناسب مع هذه الآلية المكتشفة حديثًا، مضيفًا: "أعتقد أنه بمجرد فهم الآليات الأساسية، يمكنك التفكير في تطوير العلاجات والكشف المبكر والوقاية".
في الخلاصة، تعتبر أمراض المناعة الذاتية غامضة العلاج والمصدر الكامل حتى الآن، لكن هذه التجربة الذي قدمها فريق علماء جامعة ستانفورد يعتبر تطورًا كبيرًا في سلسلة اكتشاف هذه الأمراض. أما السبيل لمعرفة جميع جوانبه يتطلب المزيد من التجارب والمحاولات. وهذا ما تنتظره العلوم في المستقبل.

alafdal-news
