أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
على الرغم من شبه الإجماع الذي ساد الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي،حول ضرورة وقف العدوان الصهيوني على غزة ووقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية ومندوبتها "الشمطاء" في مجلس الأمن من تكرار استخدام "الفيتو" للمرة الثالثة منذ بدء العدوان على غزة، وهذه المرة كان ضد مشروع قرار تقدّمت به الجزائر باسم المجموعة العربية،يطالب بوقف إطلاق نار إنساني فوري في قطاع غزة.
إن تكرار"الفيتو" الأميركي بموازاة أيضاً شبه الإجماع التي عبرت عنه غالبية الدول التي أدلت بشهاداتها أمام محكمة العدل الدولية،واتهمت كيان الاحتلال بممارسة حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني،يؤكد مرة جديدة بأن النظام الدولي القائم على أسس قانونية واضحة وصريحة يسقط مجدداً أمام اعتبارات سياسية ضيقة في ظل معاناة إنسانية غير مسبوقة يدفع ثمنها المدنيون.
إن الـ"لا" الأميركية الوحيدة من بين الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، والتي لم تجاريها فيها حليفتها بريطانيا واكتفت بالامتناع عن التصويت، تؤكد على أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن،مع استمرار المذبحة القائمة في فلسطين وغزة تحديداً،وأنها تعطي كيان الإرهاب الصهيوني الضوء الأخضر للمضي في القتل والتدمير،وكل زعمها بأنها تسعى إلى وقف النار والعمل من أجل حلّ سياسي، وإطلاق سراح الأسرى والمخطوفين، والتخفيف من معاناة المدنيين وفتح المزيد من الممرات الإنسانية، ليس سوى كلام إعلامي لا يُصرف.
كما أن هذا الموقف الذي يتكرر للمرة الثالثة،هو إعلان أمريكي واضح بالمشاركة في حرب الإبادة الإرهابية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني،وإلا ما معنى أن تبرر المندوبة الأميركية في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد استخدام "الفيتو"، بأن مشروع القرار"لا يحقق السلام.. وأن التصويت عليه غير مسؤول"، وأنه "يعرقل المفاوضات الحساسة للخطر".
والأدهى التبرير الذي أعلنه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي بأن الإدارة الأمريكية "لا تعتقد أن الوقت قد حان لوقف دائم لإطلاق النار".
إن هذه المواقف،ليست تأكيداً فقط على ممارسة الازدواجية من قبل الولايات المتحدة، كسياسة ثابتة في التعاطي مع الشأن الفلسطيني،أي الدعم المطلق للعدوان وتزويده بكل وسائل القتل والتدمير والإبادة،مقابل وعود جوفاء بالتسوية والمساعدات الإنسانية للفلسطينيين والعرب.
إن الحماية التي تؤمنها أميركا لكيان الاحتلال،تؤكد بأن الإدارة الأميركية شريكة كاملة في حرب الإبادة التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني والتي تهدف إلى تصفية قضيته.
إن هذه الممارسة الوقحة أمام أعلى مرجعية دولية تؤكد بما لا يقبل الشك بأن المطلوب من قبل أحرار العالم والمؤمنين فعلا لا قولا بحقوق الإنسان، البدء في البحث عن نظام عالمي جديد يحترم حقوق الإنسان بلا تمييز أو تحريف.
وفي السياق كان ملفتاً الموقف الذي صدر عن "الأزهر الشريف" والذي دعا لإعادة النظر في آلية إقرار"الفيتو"، مهاجماً ومنتقداً تعسف النظام الأميركي في استعماله حق النقض "الفيتو" للمرة الثالثة على التوالي، اعتراضًا على وقف العدوان الصهيوني الوحشي على غزة.
ودعا الأزهر إلى وضع ضوابط ومعايير إنسانية حديثة تضبط استخدام"الفيتو" في إقرار السلام بين الشعوب، مطالبًا العالم أجمع "بالتدخل لوقف شلالات الدماء في فلسطين، ووضع حد لهذا العدوان الوحشي ووقف المذابح والجرائم اليومية".
إن موقف الأزهر ومعه مواقف الأحرار في العالم من مثل جنوب أفريقيا وما تقوم به أمام محكمة العدل الدولية ودعوتها دول العالم للإدلاء بشهادتها ضد كيان الاحتلال الصهيوني،عبر مناشدة سفيرها لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا الدول كافة الإدلاء بشهادتها في القضية التي رفعتها بلاده أمام محكمة العدل الدولية، من أجل معاقبة "إسرائيل" على جريمة "الإبادة الجماعية".
كما أن إصرار الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على اتّهام الكيان الصهيوني بارتكاب إبادة جماعيّة بحقّ الفلسطينيّين في غزّة، يُبقي الأمل موجوداً بإمكانية التغيير في هذا العالم الذي يتفرج على المذبحة الصهيونية.
ولعل الأيام المقبلة وما ستقوم به محكمة العدل الدولية لجهة إعلانها المرتقب بأن احتلال "إسرائيل"المستمر للأراضي الفلسطينية غير قانوني ويجب أن ينتهي،على أن يُحال الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للمضي قدما بشأن كيفية تنفيذ رفع الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية،مسترشدة بقرارات المحكمة.
إن ما تقدم مدعوماً بصمود وأسطورية أبطال المقاومة الفلسطينية وما يقومون به في ميدان المواجهة في غزة، وما تقدمه كل فصائل المقاومة على مختلف الجبهات، على قاعدة مقولة القائد الخالد جمال عبد الناصر"ما أخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة"، يجعلنا نأمل بأن تغيير النظام العالمي الذي تتحكم به الـ"لا" الأميركية أو غيرها، سوف ينتهي قريباً.

alafdal-news
