مفيد سرحال - خاصّ الأفضل نيوز
منذ السابع من أوكتوبر -تاريخ الطوفان الإعجازي الفرط استراتيجي -والكيان الصهيوني غارق في أرقام حساب الجُمَّل وعقدة العقد الثامن لا بل يعيش حقيقة الأمر سكرات القلق الوجودي بعدما سقطت هيبة الدولة العبرية وتهاوت الأبراج المعنوية والنفسية لجيش شاهد العالم على الشاشات والمنصات كيف سُحب جنوده من رقابهم كالنعاج وسُحلوا على رمال غزة ومذاك عششت سيكولوجيا الهزيمة في عقول المستوطنين الحالمين بالجنة الموعودة والأمان على أرض ظنوها عقارا متوارثا من عقارات يهوه وأدرجت زورا ضمن أضاليل التعاليم التلمودية .
وراح نتنياهو ومجلس حربه اليميني العنصري الفاشي بإجرام غير مسبوق متوسلا أسفارا توراتية يمارس التجزير بأشنع وأبشع عملية تطهير عرقي شهدها العصر الحديث بحق الشعب الفلسطيني حيث الإبادة الجماعية من خلال مذبحة متناسلة في المدن والأحياء حتى تجميع الآلاف في رفح التي يهدد باجتياحها للإجهاز حسب زعمه على آخر أربع كتائب لحماس وتحرير الرهائن اليهود .
المكابرة والإنكار والتخبط والهمجية المفرطة والاستنقاع في الأوهام والهروب إلى الأمام باتت المسلك اليومي لمجرم الحرب النتن المثقل بالخيبات ومرارة الهزيمة وفوق كاهله كتائب عسكر قاتل لا يقاتل "شلعتها" المقاومة الفلسطينية ووضعتها على قائمة إعادة التأهيل وكذا التخبط في المستوى السياسي وصدامات مع المستوى العسكري وخضوع لحزمة العقول اليمينية المتطرفة الفاشية في حكومته ومطالبة جمهور واسع باستقالته جراء فشله في تحقيق أي من أهدافه وظهوره بمظهر الصبي الضعيف الذي يلجأ لحماية الكبار خوفا"من كسر شوكته بعدما تعطلت قدرته الردعية كحارس لمصالح الغرب الجماعي وأكثر ما تبدى ذلك خلال غزوة المسيرات الإيرانية .
أما عند رفح فيكون الكيل قد طفح والحرب الشاملة آخر الكي سيما وأن سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله أكد وجزم ورسم المعادلة التي لا تقبل المساومة أن محور المقاومة لن يسمح بسقوط غزة وهزيمة حماس.
ومع تضييق الخناق على رفح عقب إقفال معبرها أخذت جبهة جنوب لبنان الإسنادية تزداد ويزداد تأئيرها فعالية على قاعدة صاغت المقاومة الإسلامية -حزب الله- مرتكزاتها وفق منطوق عسكري ميداني عبقري يمكن اختصار آلياته بالاستنزاف البنيوي الممنهج والمدروس والمتدرج في العمق وطبيعة الهدف والسلاح المستخدم فمن الإعماء بالضربات المكثفة والمتلاحقة للمقصوف والمرمم والمستحدث ،إلى تحطيم مواقع الحد الأمامي والتحصينات من الناقورة إلى الحمى السورية على طول خط عرضي يقارب ال 110كلم، والرد على الاغتيالات لقادة المقاومة بإخراج كبريات مواقع القيادة والتحكم والسيطرة والمسح الجوي الرقابي الفائق الدقة، والتطور مثال قيادة المنطقة الشمالية وقاعدة ميرون ثاني أكبر قواعد الرقابة والرصد الجوي في الكيان ناهيك عن القواعد السرية في الجولان للتجسس والاستعلام على غرار كيلع ومعاليه غولان وسواها ،ومن أسرار الاستنزاف البنيوي تهجير ليس فقط قاطني المستوطنات بل أيضا تهجير الجنود الصهاينة من حصون المواقع المدمرة إلى الخيم والحقول الغضة والتدرؤ بالشجر بدل الحجر حيث تلاحقهم المقاومة ببراعة الرامي وتفوق المستطلع المستعلم كما حصل في عرب العرامشة، وتعطيل سلاح الجو والقبب الحمائية والإغارة من الطيران المسير كما في المطلة في سابقة لم يشهدها الكيان الصهيوني منذ عقود خلال حروبه مع العرب، وتحول المسيرات الانقضاضية إلى فزاعة تقض مضاجع الجنود الصهاينة بعدما عجزت الإف16 عن قنصها والحؤول دون الوصول إلى أهدافها.
ولا يجب إغفال الاقتصاد المعطوب شمال فلسطين المحتلة على مستوى السياحة والزراعة المشلولة والصناعة المنكوبة لاسيما الإلكترونيات في كريات شمونة والأخشاب والعصائر والكحول وكل ما يتعلق بالزراعة من صناعة الجرارات وسواها حيث زادت الخسائر عن ال7مليار دولار ناهيك عن الخسائر الفادحة في الآليات العسكرية ونظم المراقبة والرصد وآخرها المنطاد التجسسي، وكأن الكيان برمته تحول إلى منطاد تائه سابح في الفضاء وسقوطه حتمي بعدما تعطلت ماكنة تشغيله وعناصر إدارته .
إن الاستنزاف البنيوي الفعال النشط والمجدي الذي اعتمده حزب الله على الجبهة الجنوبية بدم رجاله المنغرسين في الأرض كالرماح السمهريات رماة أباة ومنهم من ينتظر..
لا ريب أنه وفق كل المتابعين والمحللين العسكريين وحتى أولئك الذين لا يفكون الحرف في لغة العسكر يجزمون أن الشمال الفلسطيني المحتل قد مال ناحية الجنوب اللبناني والحديث عن تراجع قوة الرضوان إلى جنوب الليطاني (حديث خرافة يا أم عمرو) بمعنى كل هذا التحطيم المادي والمعنوي للقدرات العسكرية لاسيما استراتيجية اقتلاع الأعين وتشتيت العسكر اليهودي وخلو المواقع من أرانبها تشي حتما بأن العبور إلى جنوب الجنوب قد أزف واكتملت حوائجه اللوجستية وأدواته القتالية على توقيت رفح. ...والجليل بات تلقائيا بين كفي المقتدرة المنتصرة العازمة صاحبة الجلالة- المقاومة ..لقد بانت وتجلت وظهرت علامات العبور والكلمة دائما وأبدا للميدان ورجاله .