د. علي دربج - خاصّ الأفضل نيوز
بعد نوبة الحزن التي دخل بها، بسبب ارتفاع عدد القتلى الصهاينة جراء ضربات المقاومة فلسطين وجنوب لبنان، وعبرّ عنها أكثر من مرة في تصريحاته، فضلًا عن مشاركته الفاعلة في حفلة القتل الجماعية القائمة بغزة، من خلال زياراته المتكررة لتل أبيب ــــ حاملا لجيشها الفاشي وقيادته المجرمة، أدوات القتل والإبادة من أسلحة وقذائف وصواريخ فتاكة على اختلاف أنواعها ومسمياتها، ومنصبًا نفسه مدافعًا شرسًا عن إسرائيل ومذابحها في المحافل الدولية ـــــ أراد رئيس الدبلوماسية الأمريكية الاحتفال بإنجاز بلاده بتدمير القطاع وتهجير أهله، وتحويله الى أرض جرداء تفوح منها فقط رائحة الموت والدماء والدمار.
لذا لم يجد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مكانا لتحقيق غايته تلك أفضل، من أوكرانيا ــ البلد الذي تخوض واشنطن بأجساد أبنائه حرب كسر عظم بالوكالة ضد روسيا ــــ التي حطّ فيها الثلاثاء الماضي بشكل مفاجئ.
صحيح أن الرجل، جاء إلى العاصمة كييف لدعم ونجدة أدواته الأوكرانيين، بعد الانتصارات التي حققها الجيش الروسي في الأيام الأخيرة، عبر هجومه المكثف على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا وتقدمه الكبير فيها، لكن بلينكن، أبى أن يفوّت لحظات المتعة باستمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية على أهل القطاع، واستهداف آلة القتل الإسرائيلية للمدنيين بغزة.
فالظروف القائمة في الكيان الغاصب لا تسمح له بالرقص (على جثث آلالاف من أطفال غزة) نظرا للغضب الشعبي المشتعل هناك، نتيجة تخبط القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وفشلهم في تحقيق أي إنجاز سياسي أو عسكري يعتدّ به (لناحية إطلاق الأسرى الصهاينة أو القضاء على حركة حماس أو عودة المستوطنين إلى شمال فلسطين) رغم مرور أكثر من ثمانية أشهر، على الحرب الدموية على الشعب الفلسطيني وأطفاله ومدنييّه.
من هنا، اختار بلينكن العاصمة كييف، ليطلق العنان لمهاراته الفنية التي أضاف إليها لاحقا بعد تعيينه في منصبه، دبلوماسية القتل وإثارة الفتن والاضطرابات بالعالم، فحمل غيتارًا بيده اليسرى، وبدأ بالغناء (علهّ يهدئ من روع فتى أمريكا فولوديمير زيلينسكي) وهو يتراقص على وقع الموسيقى.
علاقة بلينكن بالغناء
قبل أن يصبح بلينكن كبير الدبلوماسيين الأمريكيين، كان عازفًا ماهرًا لموسيقى الروك. ومنذ اندلاع المذابح بغزة في 7 أكتوبر الماضي، لم يعزف بلينكن الموسيقى، بسبب انشغالاته الحربية.
وتبعا لذلك استغل وجوده في العاصمة كييف، و قام بعزف أغنية "Rockin' in the Free World"، مع فرقة أوكرانية، وهي أغنية ظهرت عام 1989 للموسيقار الأمريكي الكندي نيل يونغ.
الجدير بالذكر، أن بلينكن وبهدف الذهاب إلى كييف، كان استقل طائرة سرية وقطارًا خاصًا تسلل خلال الليل الأوكراني الى مقصده المحدد. وقبل وقت قصير من حلول موعد حظر التجول المفروض في العاصمة، قصد وزير الخارجية الأمريكي نادي الروك المخفي، حيث أخذ مجموعة من السلالم نزولاً إلى الطابق السفلي.
جاءت رحلة بلينكن إلى نادي بارمان ديكتات، وهو حانة موسيقية في وسط كييف تم بناؤه ليكون ملجأ في حالة الحرب، في نهاية يوم طويل من الاجتماعات التي توجت بخطاب حدد رؤية بلينكن لـ كيف سيبدو النصر الأوكراني".
وأثناء انغماس بلينكن بالموسيقى وتمايله على أنغام أغاني المغني نيل يونغ، اندلع التصفيق في النادي المزدحم – الذي كان يعج بمزيج من السكان المحليين والدبلوماسيين الأمريكيين – عندما ردَّد بلينكن والجوقة معا مقطع: "استمروا في العزف في العالم الحر". واتبع بلينكن ذلك بقوله إن "هذا النصر سيتضمن مكانا ثابتا في العالم الحر".
ختاما، فيما تستخدم واشنطن الشعب الأوكراني الذي يموت يوميا، كوقود في مواجهة دمرت بلادهم وأحرقتها، وتصب الزيت على النار لإطالة أمدها، فإن المضحك المبكي، هو قول أحد المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، إن دبلوماسيين أمريكيين كبار شعروا بعد أداء بلينكن، أن الموسيقى ستظل تؤكد دعم إدارة بايدن لأوكرانيا في صراعها ضد الكرملين.