حمل التطبيق

      اخر الاخبار  زيلينسكي: تحدثتُ مع ترامب وشكرته على استعداده لدعم أوكرانيا والعمل معًا لوقف القتل وتحقيق السلام   /   نتنياهو: هذا مساء صعب و"الشعب الإسرائيلي" بأكمله ينعى المقاتلين من لواء المدرعات   /   زيلينسكي: الحرب مستمرة فقط بسبب رغبة بوتين في مواصلتها وإطالة أمدها   /   المجلس العسكري بالجنوب السوري: إسرائيل تستغل الوضع في السويداء   /   قيادة العمليات المشتركة العراقية: تعرّض حقل نفطي بمحافظة أربيل إلى استهداف بطائرتين مسيّرتين مجهولتي المصدر   /   إعلام إسرائيلي: انتحار جندي في معسكر للجيش شمال إسرائيل وهو الجندي الثالث الذي ينتحر خلال 10 أيام   /   حماس: نبارك عملية إطلاق النار والاشتباك المسلح قرب مستوطنة مافو دوتان جنوب غرب جنين   /   ‏الكرملين: روسيا مستعدة لجولة جديدة من المحادثات بشأن أوكرانيا   /   برّاك: حال التوصل إلى اتفاق في غزة سيتشكل تحالف جديد في الشرق الأوسط   /   برّاك: الطريق الوحيد المتاح أمام قسد هو التوجه إلى دمشق   /   برّاك: الخوف من نزع سلاح حزب الله ومنع الحكومة لهذا الأمر قد يؤدي إلى حرب أهلية   /   برّاك: جنوب لبنان يحتاج إلى التمويل والتنمية   /   برّاك: الحكومة اللبنانية الحالية مستعدة لحل كل القضايا   /   براك: الأسلحة التي نريد من حزب الله التخلي عنها هي تلك التي تهدد إسرائيل   /   براك: عملية تخلي حزب الله عن سلاحه تبدأ بمبادرة من الحكومة اللبنانية   /   براك: الخريطة الطائفية في لبنان معقدة للغاية   /   ‏المبعوث الأميركي لسوريا: رؤية ترامب هي إعطاء سوريا فرصة   /   مديرة السياسات في منظمة أوكسفام بالشرق الأوسط: إسرائيل لا تقدم أي مبررات لمنعنا من تقديم دعم في غزة   /   ‏زيلينسكي يعرب عن امتنانه لترامب بعد إعلانه إرسال أسلحة إلى أوكرانيا   /   إعلام إسرائيلي: نتنياهو يجري سلسلة لقاءات لحل أزمة تجنيد الحريديم   /   إعلام إسرائيلي: مقتل 3 جنود وإصابة 4 آخرين اليوم إثر إطلاق صاروخ مضاد للدروع استهدف آلية "نمر" في قطاع غزة   /   رئيس بلدية شتورا: تمت السيطرة على الحريق الذي نشب خلف مباني وزارة الزراعة في شتورا   /   وزير الخارجية الإسرائيلي: آمل أن تُسهم التطورات التي حدثت في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين في دفع تحالف إبراهيمي أوسع نطاقاً للتطبيع والسلام في الشرق الأوسط   /   ‏هيئة البث الإسرائيلية: إسرائيل تبلّغت بتعزيز علاقة الاستخبارات الأميركية مع سوريا   /   رشقات رشاشة معادية تستهدف أطراف عيتا الشعب ورامية   /   

ترامب بين إهانة زيلينسكي وحقيقة فضيحة صفقة البناء التي عرضها عليه بوتين

تلقى أبرز الأخبار عبر :


د. علي دربج - خاصّ الأفضل نيوز

 

في سابقة غير معهودة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وعلى مرأى ومسمع مئات الملايين من مختلف أنحاء العالم، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهار الجمعة الماضي سيلًا من الإهانات والإساءات اللفظية العنيفة والساخرة بحق ضيفه، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عندما استضافه في البيت الأبيض لتوقيع صفقة المعادن النادرة، بحضور نائبه جي دي فانس، الذي تولى بدوره الإجهاز على ما تبقى من ماء وجه زيلينسكي من خلال تقريعه وتأنيبه، وصولًا إلى دفعه إلى الخروج مذلولًا.

 

وبعيدًا عن تركيز وسائل الإعلام العالمية والمحلية على غطرسة وعجرفة ترامب ونائبه فانس، والطريقة المهينة التي تعاملوا بها مع زيلينسكي، فإن الشرارة التي أشعلت المشادة العاصفة بين الطرفين، التي شاهدناها على البث الحيّ، لم تكن تتعلق بلغة أو لباس زيلينسكي أو قضية عدم إظهاره الاحترام لترامب كما زعم الرئيس الأمريكي، بل بسؤال لصحفي استفزّ ترامب وجعله يدافع بحدة عن بوتين، الذي كان قد قدَّم سابقًا عرض عمل لديكتاتور البيت الأبيض.

 

السؤال الصحفي الذي استفز ترامب

 

في الواقع، يرتبط هياج ترامب وهجومه الحاد على زيلينسكي باللحظة الحاسمة عندما طرح أحد الصحافيين السؤال التالي: "ما الذي سيحدث إذا انتهكت روسيا وقف إطلاق النار الذي يحاول ترامب التفاوض بشأنه؟"، فرد ترامب بعنف، قائلًا كما لو أن انتهاك روسيا لسيادة جارتها كان الاحتمال الأغرب والأقل ترجيحًا، بدلًا من كونه حدثًا متكررًا باستمرار.

 

كما أوضح ترامب لماذا اعتبر أن مثل هذا الحدث غير مرجح إلى حد كبير، فصرخ بصوت جهوري: "إنهم يحترمونني"، وأضاف: "دعني أخبرك، لقد مرَّ بوتين بجحيم كبير معي. لقد خاض عملية مطاردة زائفة حيث استخدموه هو وروسيا..هل سمعت من قبل عن تلك الصفقة؟ لقد كانت عملية احتيال ديمقراطية زائفة مرَّ بها بالفعل". هنا، بدا أن ترامب يشعر بصدق أنه وفلاديمير بوتين كانا ضحيتين للاضطهاد من قبل الحزب الديمقراطي.

 

ليس هذا فحسب، اشتكى ترامب من أن زيلينسكي يحمل "كراهية هائلة" تجاه بوتين، وأصرَّ قائلًا: "من الصعب للغاية بالنسبة لي أن أعقد صفقة مع هذا النوع من الكراهية".

 

 صفقة البناء بين بوتين وترامب

 

تعود أصول العلاقة بين الرئيسين الروسي والأمريكي عندما لوَّح بوتين بصفقة بناء في موسكو أمام منظمة ترامب تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات، لكن ترامب كذب بشأنها، مما منح بوتين وسيلة ضغط عليه.

 

لاحقًا، أنكر المحافظون أي أساس لفضيحة ترامب وروسيا. إذ تبنى بشكل علني عدد قليل من أنصار حركة MAGA "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" ما سموه "دعاية روسيا"، لكن المزيد من الجمهوريين برروا تصرفات ترامب على أنها تعكس دافعًا آخر غير التعاطف الصريح مع موسكو، مؤكدين أنه: براغماتي، وقومي، ويعجب بالقوة ويحتقر الضعف.

 

ترامب والتنمر على زيلينسكي

 

منذ اللحظة التي وطأت فيها قدما الرئيس الأوكراني عتبة البيت الأبيض، بدأ تنمر ترامب قبل وقت طويل من فتح زيلينسكي فمه. في البداية، استقبل ترامب نظيره في ممر البيت الأبيض بسخرية متعالية، ثم أشار إليه مخاطبًا الحضور: "إنه يرتدي ملابسه بالكامل اليوم"، مثل بيل باتس في فيلم Goodfellas الذي يستخف بشخصية جو بيشي (ممثل أمريكي معروف، لعب دور "تومي ديفيتو" في هذا الفيلم، المستوحى من رجل عصابات حقيقي)، بعدها تلفَّظ بعبارة "مرحبًا تومي، ارتدي كل ملابسك".

 

الجدير بالذكر أن ملابس زيلينسكي –ارتدى زيًا عسكريًا، وليس بدلة، لتذكير العالم بأن بلاده في حالة حرب– كانت بمثابة ذريعة لليمين، استغلها المحافظون كذريعة لإلقاء اللوم عليه بسبب غضب ترامب.

 

وكيف بررت إدارة ترامب إهانة زيلينسكي

 

في الحقيقة، وفور مغادرة زيلينسكي للمكتب البيضاوي، كتب ترامب في موقع Truth Social الذي يملكه: "لقد قررت أن الرئيس زيلينسكي غير مستعد للسلام إذا كانت أمريكا متورطة"، ملمحًا إلى أن الولايات المتحدة ستقطع دعمها لجهود الحرب الأوكرانية.

 

بالمقابل، حاول حلفاء ترامب بالفعل تحميل زيلينسكي مسؤولية هذا القرار الحاسم. وتبعًا لذلك، أكد مسؤولو البيت الأبيض لمحطة Fox News أن ترامب "شعر بعدم الاحترام" من لغة جسد زعيم أوكرانيا وطريقته الجدلية.

 

بدوره، اعترف ريتش لاوري، رئيس تحرير مجلة National Review، على موقع X بأن "زيلينسكي كان في وضع رهيب"، مضيفًا: "لكن لم يكن يجب أن ينجر إلى تقديم نقاط جدلية.. كان ينبغي عليه أن يرتدي بدلة".

 

زيلينسكي والوقوع في الفخ الأمريكي

 

في الواقع، وصف العديد من الخبراء ووسائل الإعلام الأمريكية مثل The Atlantic ما حصل بأنه مجرد مكيدة. فترامب وفانس دخلا الاجتماع بهدف توبيخ زيلينسكي وجره إلى جدال كذريعة للقطيعة الدبلوماسية، خصوصًا وأن ترامب، برأيهم، كان يروّج للدعاية الروسية، ليس فقط فيما يتعلق بأوكرانيا، بل منذ ما قبل تولي زيلينسكي منصبه.

 

ففي عام 2018، وهو العام الذي سبق انتخاب زيلينسكي، دافع الرئيس الأمريكي عن استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم، إضافة إلى رفضه مرارًا وتكرارًا الاعتراف بالذنب الروسي بالغزو، بل إنه تمسك بنقاط الحوار الروسية بشأن مواضيع غريبة مثل الأساس المنطقي الدفاعي الذي افترضه السوفييت لغزو أفغانستان في عام 1979، ومخاوفهم من قيام جمهورية الجبل الأسود بمهاجمة روسيا، وهي قضية قد تجر حلف شمال الأطلسي إلى الحرب.

 

بموازاة ذلك، بذل ترامب في الأسابيع القليلة الماضية جهدًا ضئيلًا جدًا لإخفاء ميله الموالي لروسيا. لقد وصف زيلينسكي بأنه ديكتاتور، وعندما سئل عما إذا كان سيقول الشيء نفسه عن بوتين، امتنع قائلًا: "أنا لا أستخدم هذه الكلمات باستخفاف".

 

اللافت أن تصريحات ترامب لم تقف عند هذا الحد، إنما ذهب بعيدًا في التودد لروسيا، حيث قال إن أوكرانيا "قد تصبح روسية يومًا ما" وألقى باللوم على أوكرانيا في بدء الحرب. حتى أن الولايات المتحدة انضمت إلى موسكو وكوريا الشمالية وعدد قليل من حلفاء الكرملين للتصويت ضد قرار للأمم المتحدة يدين غزو بوتين لأوكرانيا.

 

في المحصلة:

 

لم يكن لدى زيلينسكي خيارات جيدة في البيت الأبيض. لقد وقع في كمين مع رئيس يتعاطف مع بوتين الذي يجهد لضم أوكرانيا. وبناءً على ذلك، يطرح المراقبون والخبراء السؤال التالي: هل كان من الممكن أن يحصل زيلينسكي على نتيجة مختلفة من خلال التعامل مع إساءة ترامب وسيل أكاذيبه بمزيد من إذلال الذات؟ أما الجواب، فبالتأكيد هو نعم، والكلام هنا يعود للكاتب الأمريكي جوناثان تشيت.