د. زكريا حمودان - خاص الأفضل نيوز
لم يكتمل المشهد الأخير في معركة طوفان الأقصى، لكن في الأفق تتّضح لنا الصورة رويدًا رويدا، تحديدًا على مستوى التقارب الإسلامي - الإسلامي غير المسبوق بعد سنوات الفتن الكثيرة بالإضافة إلى التقارب الإسلامي - المسيحي والتي استهدفت المجتمع الشرق أوسطي بشكل عام.
ما نعيشه في معركة طوفان الأقصى فرض نفسه في معادلاتنا اليومية، كما فرض نفسه في استراتيجية المنطقة مؤخرًا.
في معادلاتنا اليومية أصبحت فلسطين عنوانًا مهمًّا جدًّا عند بعض الذين تخلّوا عنها وبات دعمها حتى في الكلمة أمرًا مهمًّا لديهم.
لقد حرّكت معركة طوفان الأقصى ما كان مخفيًّا في أعماق الإنسانيّة، فعندما تذكر أحرار العالم أن إسرائيل مجرمة، لم يتذكروا ذلك لأنهم استعادوا وعيهم، بل لأن صورة القتل والتدمير وُضِعَت على وسائل التواصل الاجتماعي ومرت أمام أعينهم.
كذلك الأمر عندنا في لبنان، تتحرّك أقلام وكاميرات وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي لناشطين كانت مواقفهم ملتبسة من محور المقاومة، ليظهروا اليوم كامل الدعم لفلسطين التي يعلمون جيدًا أن من يدعمها هو محور المقاومة فقط.
هنا لا بُدَّ أن نتوقف عند حالة التحول الكبير الذي يشهده لبنان في هذا الإطار، فالنّخب الوطنية باتت تعيش مرحلة جديدة في العمل السياسي سببها الرئيسي فلسطين وتحولات المنطقة.
أيضًا لا بدّ من التّوقف عند هذا التحول عند أهل السنة في لبنان بالإضافة إلى تحوّل كبير عند جزء مهم من الأخوة المسيحيين داخل وخارج لبنان.
بالنسبة لأهل السُّنّة، يأتي التحول انطلاقًا من حسابات داخلية وخارجية، تبدأ من التفاهم الإيراني - السعودي، وتنتهي عند غياب المرجعية السياسية عن الساحة السنية التي تحولت إلى حيثيات سياسية تتمثل بشخصيات نيابية مثل النائب فيصل كرامي في طرابلس، النائب حسن مراد في البقاع وغيرهم.
أما على الساحة المسيحية فتختلف الأمور بسبب ذوبان بعض النخب في مجتمعاتهم الطاغية. فالنخب المسيحية لم تغب يومًا عن فلسطين، كذلك رجالات الدين والمجتمع والسياسة والرياضة، فلسطين في حياتهم اليومية قبل طوفان الأقصى، لكن بعد الطوفان تصدرت فلسطين أولويّاتهم، وبات المشروع الاستراتيجي الذي يجمعهم واضح المعالم، بحيث عادت الوحدة الشرق أوسطية الإسلامية - المسيحية والإسلامية - الإسلامية تنتعش بعدما عملت أميركا والغرب على هدم جميع أركانها.