مفيد سرحال- خاصّ الأفضل نيوز
مائة عام ومسلسل الأساطير الصهيوني يمتد فصولا ودماء وافتراس أطفال فلسطين .يسمونه تنظيرا وينحون بالتنفيذ وزعيق الأبواق وبصورة متكاملة يضعون خارطة الطريق:
نظرية، تخطيط استراتيجي، أعمال مرحلية، ونظريات فرعية متممة نتائج، ثم نظرية أخرى تتواءم والنتائج والمكتسبات وهكذا دواليك تدور الناعورة على النيام.
والحال، فالمتعقب الحصيف المتابع بشكل علمي من خلال سبر أعماق المشروع الصهيوني وآليات اشتغاله يتلمس الطريق والأبعاد حيث لكل مرحلة من مراحل المشروع شعاراته المناسبة وأكذوبته المبرمجة.
هكذا أطلقت مقولة :أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وأطلقت قصة اللاسامية وإبادة ستة ملايين يهودي في أفران الغاز، ومن مثل ذلك أن اليهود شعب مسكين يريد العرب أن يذبحوه وأن اليهود هم الشعب الوحيد المضطهد في التاريخ الإنساني وأنهم شعب واحد مستمر الوجود منذ ثلاثة آلاف سنة إلى اليوم، وأنهم شعب الله المختار وشعب العبقرية وأن فلسطين هي أرض الميعاد والرب (( يهوه))هو الذي وعدهم بها وأنهم أيضا هم أصحاب فلسطين الأولون...
أكاذيب مكررة وأساطير صاغها أحبار اليهود عقب السبي البابلي وسرقوا وشوهوا وزوروا تراث كنعان، شعارات ومقولات مطلقة، جرى إدخالها بين الحقائق والبدهيات حتى لدى بعض العرب، وحتى صار دفعها بالحق والحجة ضربا من العبث إن لم يكن مدعاة للملل واليأس.
وفَرض الأمر الواقع والقوة والزمن والظروف، وقائع جديدة طرحت أساطير جديدة كأسطورة إعمار فلسطين الموات، وهي عامرة قبل وجودهم في الدهر، وأسطورة الأمن التي تبرر الاستيلاء المتسلسل على الأرض، والتوسع في حلقات متصلة يظل الأمن مهددا من بعدها دون نهاية. ولا أمن للآخرين، وأسطورة الجيش القوي الضارب، ولولا الحبل السري الذي يربطه بالترسانة الأميركية وترسانة الغرب الجماعي لما كان ولما كانت إسرائيل.
كل تلك العناوين والأكاذيب بدأت تتهاوى تحت ضربات متناسقة وإن كانت متباعدة زمنيا لكنها راكمت إنجازات وحققت تحولات أسهمت دون أدنى شك من تحرير الـ2000 في لبنان إلى طوفان الأقصى مرورا بمحطات صراعية في لبنان وفلسطين، جميعها نسفت كل الأساطير والمزاعم والخرافات وضمنا تزوير التاريخ وتزييف الحقائق وبدأت إرهاصات زوال ما كان- أي الكيان -الكذبة -الذي بدأ مستعمرة ريتشيون لوسيون سنة 1882 وصارت تمتد من شرم الشيخ إلى جبل الشيخ ومن القنيطرة إلى القنطرة وتفترس فيما تفترس الصخرة المباركة (والمسجد الذي باركنا حوله) وقبر السيد المسيح ومهده...
بعد الطوفان الإعجازي سقط العديد من الأكاذيب إن لم يكن جلها.
أولا: قتال اليهود داخل الجيش الصهيوني بدى كقتال المرتزقة، قتال الذين لا صلة لهم بالأرض فانعدمت البطولات التي تتغنى بها الجيوش وتعتز في معمعان الدفاع عن الوطن وسجلت حالات تمرد وتمارض وتخلف عن الخدمة في عز المعركة ويكفي موقف الحريديم حماة التوراة الذين هددوا بمغادرة فلسطين المحتلة في حال اتخذ القرار بإلحاقهم بالقطاعات العسكرية المقاتلة من دون أي شعور قومي يعكس الانتماء للأرض أو القضية الوجودية وفق توصيف نتنياهو لطبيعة الحرب التي يخوضها ضد قوى المقاومة على كل الساحات، ليتبين أن أصحاب الأرض الحقيقيين رغم عظيم التضحيات وسيل الدماء تراهم يدفنون أحباءهم ويواصلون مسيرة الصبر ويمضغون آلامهم والعذابات وعميق الجراحات ويمضون بنضالهم التحرري حتى تحقيق النصر الناجز أي فلسطين العربية من الناقورة إلى أم الرشراش ومن البحر إلى النهر.
ثانيا:الردع والتفوق العسكري، الأمن ،التمدد بالبلطجة العسكرية كلها بعد طوفان الأقصى صارت مفاهيم متهالكة واليوم الثاني للحرب ليس مصير غزة والشعب الفلسطيني ومن يدير القطاع، وللأسف الشديد هذا ما لم يطرق بابه البحاثة كما المحللون ألا وهو مصير الكيان الزائف الزائل المردوع غير الآمن لقطعان المستوطنين والذي يعيش حالة ضمور جغرافي وتقلص ديمغرافي تجلى بالهجرة إلى خارج أرض (الميعاد) ،هذا الحارس للمصالح الغربية بات بحاجة لمن يحرسه لا بل عبئا خالصا يستنزف اقتصادات الدول الغربية بحفلة ابتزاز فاجرة، ناهيك عن انكشاف كذبة القيم الغربية وسلاسل الكتب عن العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان التي صدعوا بها رؤوس الشعوب واستعمروها بحجة تخلفها والعمل على تحديثها.
باختصار شديد المقاومة في لبنان في صراعها مع المشروع الصهيوني أجهضت لا بل أسقطت ما يسمى إسرائيل الكبرى من خلال تضحيات وبطولات رجال الله على مدى عقود. وجاء طوفان الأقصى ليجتاح إسرائيل الوسطى وبقيت إسرائيل الصغرى التي تعيش سكرات القلق الوجودي واللايقين من جدوى كيان بات مزنرا بالنار وعار أشنع وأبشع الجرائم البشرية لتسقط معها كل مسرحيات البكاء المزعوم حيال هولوكست بدأ يشطب من ذاكرة ممسوخة في الغرب ويعري الدولة العبرية، هذا الغرب الذي يقف أمام أسئلة إحراجية تملي عليه إعادة النظر بالمشهد الفلسطيني برمته من منظور أخلاقي قيمي وتحرره التدريجي من اللوبيات اليهودية أطلق حملة معاكسة من خلال حركة الجامعات في أميركا والاعتراض الجماهيري الناشط والضاغط في أوروبا والعالم .
إن طوفان الأقصى زلزل الأسطورة وأفرغها من محتواها ودمر الآلة والمصالح التي تختبئ وراءها والمهم أننا على يقين أن الأسطورة كمثل الحقيقة سواء بسواء، أشبه بالكيس الفارغ لا يقوم بذاته لكن بما يمتلئ به من قوة، والأقوياء من شعبنا في فلسطين وكل محور المقاومة يكتبون التاريخ ويصيغون حقائقه كي يعود الحق إلى نصابه وتعود فلسطين كل فلسطين ومقدساتها إلى أهل الأرض الحقيقيين، الشعب (( الذي قامته مثل قامة الأرز وهو قوي كالبلوط)) هذا الشعب الذي يعود انتشاره إلى أوائل الألف الثالث قبل الميلاد والذي استمر حتى مطلع الألف الأول قبل الميلاد هو قسم من الشعب العموري السامي العربي عرفه التاريخ باسم الكنعانيين حتى التوراة تسمي فلسطين أرض كنعان هؤولاء الكنعانيون هم الذين زرعوا أرضها ألفي سنة بالمدن: أريحا، مجدو ، بيت شان، عكو (عكا)،يافو(يافا)،اورشليم(يبوس) غزة، عسقلون(عسقلان)،أشدود، بئر السبع، بيت لحم...كلها من بنائهم .
وإذا كان الوعد حقا فإنه أعطى الأرض لنسل إبراهيم ونسل إبراهيم هم العرب، أما هؤولاء (الاشكينازيم ) فتعرف الدنى أنهم من نسل الخزر، ولا شأن لهم بإبراهيم ونسله كما تعرف الدنيا أن الدين ليس تناسلا ودما موروثًا ولكنه فكر...لا دم له ولا أجناس.

alafdal-news
