ليديا أبودرغام - خاصّ الأفضل نيوز
لا تزال الزيارتان اللتان قام بهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كل من كوريا الشمالية وفيتنام تشغلان اهتمام الأوساط السياسية والعسكرية المحلية والعالمية، فيما يحتدم الجدل حول أبعاد ما وقع خلالهما من وثائق وفي الصدارة منها وثيقتا "الشراكة الاستراتيجية"، وإن تباين مضمونهما بقدر تباين موقع كل من البلدين كوريا الشمالية وفيتنام على خريطة السياسة العالمية.
أن زيارة بوتين كوريا الشمالية يمكن اعتبارها امتداداً لزيارة الزعيم الكوري كيم جونغ أون روسيا في أيلول من العام الماضي، وهي الزيارة التي تركز اهتمام الجانبين خلالها حول التعاون العسكري الشامل بما توصل إليه الطرفان الروسي والكوري الشمالي من اتفاقات تعاون شملت كل مفردات التسليح، بما فيه ليس فقط الصاروخي والفضائي بل والنووي.
وما دام الشيء بالشيء يذكر فإنه يمكن القول إن زيارة الرئيس الروسي كوريا الشمالية تعد امتداداً للزيارة التي قام بها بوتين في أيار الماضي للصين، وإضافة إلى ما توصل إليه هناك من اتفاقات تعاون لم يجر الكشف بعد عن كل تفاصيلها.
ومن هنا كانت اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي وقعها الزعيم الروسي مع نظيره الكوري الشمالي وثمة من يعدها موجهة ضد الهيمنة الأميركية بما تنص عليه من تعزيز "التعاون العسكري التقني"، في حال تعرض أي من بلديهما للعدوان.
وإذا كان الحديث حول زيارة بوتين لكوريا الشمالية تركز أكثر عند آفاق التعاون العسكري والدفاع المشترك وتجاهل العقوبات والضغوط الأممية والدولية، فإن الزيارة التي قام بها بوتين إلى فيتنام وتعد الخامسة في سلسلة زياراته لهانوي منذ زيارته الأخيرة خلال 2017 غلب عليها الطابع الاقتصادي، وإن لم يغب عنها ما تنشده فيتنام من تعاون عسكري مع موسكو، في إشارة إلى ما تنتهجه هانوي من سياسات تتسم بالمرونة والبراغماتية والتعاون مع كل الأطراف.
رغم أنّ الحرب الروسية - الأوكرانية لم تكتمل فصولها بعد، ولم تفصح عن كامل أسرارها ولا اتجاهاتها المستقبلية، لكن هذا لا ينفي وجود بعض المؤشرات التي توحي بأن هذه الحرب أفرزت أو في طريقها لإفراز وضع جيوسياسي وأمني واقتصادي جديد، ينبئ بحدوث تغيّر في طبيعة السياسة الدولية. وإذا كان من السابق لأوانه توقع الشكل والماهية التي سيبدو عليها مستقبل النظام الدولي، ولاسيما المنخرطين منهم في الصراع ولو بدرجات مختلفة، نجح بوتين من خلال زيارتيه الى كوريا الشمالية وفييتنام من إرسال إشارة مفادها أن روسيا ليست معزولة في آسيا بعد شن عمليته العسكرية الخاصة في أوكرانيا"، وإذا كان أشار إلى قصر قائمة أصدقاء موسكو فإنه يمكن التوقف عند توجهات الرئيس الروسي وما تحمله من إشارات منها الحنين إلى الماضي ومحاولات استعادة حلفاء الأمس، وهو الذي بادر عام 2001 باتخاذ قرار انسحاب بلاده من القاعدة البحرية الحربية في كمران بفيتنام ومحطة الرادار للرقابة في كوبا.

alafdal-news
