د. أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
منذ أيام، اتهمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز، إسرائيل بـ"قلب القانون الدولي رأسا على عقب"بعدما عرضت بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي مشاهد ولقطات لأحد الشبان الفلسطينيين الجرحى مقيداً على مقدمة سيارة جيب عسكرية خلال مداهمة قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وفي جنين تحديداً، وفي وقت سابق، كررت ألبانيز تأكيدها على ارتكاب إسرائيل أعمال إبادة ضد الفلسطينيين في غزة.
مواقف ألبانيز، تستدعي طرح سؤال كبير وأساسي عن مصير المنظومة الدولية، سيما وأن سبقها مواقف ربما أعلى سقفاً من قبل أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وحتى عن منظمة الأمم المتحدة مجتمعة كالقرار الذي صدر في العاشر من شهر أيار/مايو الماضي بشأن اعتراف 147 دولة من أصل 193 دولة أعضاء في الأُمم المتحدة بدولة فلسطين دولةً ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وليس بعيداً عن الضرب بعرض الحائط لكل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية العالمية، فإن قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا، دليل إضافي على ما قالته ألبانيز حول قلب القانون الدولي رأساً على عقب.
ولكن من الملاحظات والمفارقات التي لا بد من تسجيلها، تسليط الضوء على الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين، لكي نعرف على ماذا يستند هذا الكيان المصطنع في تحديه للقانون الدولي، فهناك عشر دول من ضمن مجموعة العشرين لم تعترف بفلسطين كدولة هي : أستراليا، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، كوريا الجنوبية، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
إن التمعن في أسماء هذه الدول، يكشف بشكل واضح أين يتم نحر القانون الدولية ومن قبل من ؟ كما يتضح بلا أدنى شك بأن تلك الدول التي تدعي وترفع شعارات الحرية والديموقراطية وحماية حقوق الإنسان، إنما تبقى ادعاءاتها وشعاراتها فارغة ولا قيمة حقيقية لها عندما يتعلق الأمر بالإبن الضال "إسرائيل"، التي تمثل مصالح تلك الدول في منطقة الشرق الأوسط.
إن الغاية من هذا العرض وما سيليه حول محكمة العدل الدولية، إنما هو بمثابة تذكير لمن يُراهن على المنظومة الدولية وقراراتها، بأن لا يتعبوا أنفسهم، فكيان الاحتلال وداعموه لا يعنيهم، لا القانون الدولي ولا حقوق الإنسان وإنما تعنيهم مصالحهم فقط.
وخير دليل إضافي على ما نقول، ما قررته محكمة العدل الدولية والتي حددت في نيسان الماضي، المواعيد النهائية لتقديم تقارير أطراف القضية والمذكرات المضادة، في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024 و28 يوليو/تموز 2025.
وكانت مجموعة من الدول قد أعلنت انضمامها أو عزمها الانضمام إلى القضية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بشأن حرب الإبادة الجماعية في غزة.
وكانت كوبا آخر الدول التي أعلنت أنها ستنضم إلى القضية، وسبقها كل من نيكاراغوا التي كانت أول دولة تقدمت بطلب رسمي إلى المحكمة للتدخل كطرف منذ الثامن من فبراير/شباط الماضي،ثم تبعتها كولومبيا في نيسان/ أبريل الماضي، ثم ليبيا التي تقدمت بطلب إلى المحكمة في العاشر من مايو/أيار الماضي.
وقد أعلنت كل من جزر المالديف، ومصر وتركيا وإيرلندا وبلجيكا خلال شهر آذار الماضي عن عزمهم الإنضمام إلى القضية المرفوعة ضد إسرائيل.
بعد كل هذا، يبقى السؤال:هل فعلا سيشكل قرار محكمة العدل الدولية ضد كيان الإحتلال بتهمة الإبادة الجماعية، إحراجاً دولياً لحلفاء تل أبيب، كما توقع بعض الخبراء في القانون الدولي؟؟
وهل تريد بعض الدول أو حكامها مزيداً من الإبادة والقتل لكي تستدرك بأن كيان الإحتلال الإسرائيلي هو خارج عن القانون؟
بكل الأحوال، فإن كيان الإحتلال الإسرائيلي تعود على التصرف بأنه دولة فوق القانون وبدون عقاب، ثم أتى قرار المحكمة الدولية ليقلب الطاولة رأسا على عقب.
صحيح أن هذا الكيان لم يمتثل ولم يلتزم حتى الآن بكل ما يصدر من قرارات دولية، ولكن الصحيح أيضاً أن كل ما يجري على الساحة الدولية ووفق القانون الدولي، يُشكل تراكماً كما فعلت المقاومة العسكرية الميدانية، وفي النهاية سيأتي الوقت الذي سيدفع فيه هذا الكيان الثمن الكبير.
كل هذا برسم قادة الدول الكبرى والمسؤولين عن حماية وتطبيق القانون الدولي والقانون الإنساني.

alafdal-news
