كريستال نوّار - خاصّ الأفضل نيوز
موضة "الاستقالات" منتشرةٌ أخيراً ولكن ليس في صفوف الموظّفين فقط بسبب "القرف من الوضع"، إنّما تتعدّى ذلك لتصل إلى المسؤولين عن البلد الذين انتخبهم الشّعب آملاً في أن يُخرجوه من هذا "القرف".
فقد أشار منذ أشهر، نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب إلى أنّه "صحيح أنّ الدستور لا يفرض علينا الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية، إلا أنّه يجب تحكيم العقل، وخوفي أن يُصبح هذا المجلس شاهد زور". ودعا بو صعب إلى "استقالة المجلس النيابي وإجراء انتخاباتٍ نيابية مبكرة للخروج من الأزمة ولإشراك الشعب في تحمّل مسؤوليّة اختيار ممثّليهم الجدد"، قائلاً: "إذا لم نتحاور ولم ننتخب رئيساً فالأفضل للمجلس النيابي أن يستقيل ونجري انتخابات نيابية مبكرة".
ومنذ أيّام معدودة، عاد النائب ميشال ضاهر ودعا إلى استقالةٍ جماعيّةٍ للنواب، قائلاً: "المجلس النيابي فشل في انتخاب رئيس للجمهوريّة، وفشل في إقرار الحلول للأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، وفشل في وقف النهب المنظّم لمقدّرات الدولة، وفشل في إقرار موازناتٍ إصلاحيّة، وفشل في إعادة هيكلة المصارف لإعادة إطلاق عجلة النمو الاقتصادي للحفاظ على الحدّ الأدنى من أموال المودعين... علينا كنوابٍ أن نتحمّل مسؤوليّتنا تجاه الناس وتجاه ضمائرنا، وإذا كنّا فشلنا في ذلك كلّه فلنتّفق أقلّه على استقالةٍ جماعيّة إن لم ننجح في انتخاب رئيس قبل نهاية أيلول المقبل. للوطن والشعب حقٌّ علينا، وإن لم يحاسبنا الناس سيحاسبنا التاريخ وستلاحقنا لعنته".
هل من الطّبيعي أن يصدر هكذا كلام عن نواب مسؤولين عن الأمّة؟ وماذا لو تحقّق هذا الأمر واستقال جميع النواب؟ ما دستوريّة هذه الخطوة وهل هي قابلة للتحقيق؟ ماذا يقول القانون أمام الدّعوات المُتتالية لاستقالة النواب؟
يُجيب الخبير الدّستوري والقانوني د. سعيد مالك: "من الثابت والأكيد أنّه عملاً بأحكام المادة 24 من الدّستور اللبناني، يتألّف مجلس النواب من نوابٍ مُنتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم وفقاً لقوانين الانتخابات المرعية الإجراء، واليوم قانون الانتخاب 44/ 2017 هو القانون النّافذ الذي ينصّ على 128 نائباً لمدة ولاية تنتهي ضمن إطار 4 سنوات من تاريخ الانتخاب".
ويُضيف مالك، في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، شارحاً: "بالعودة إلى أحكام الدستور، لا يتبيّن على الإطلاق وجود أيّ مادة تتكلّم عن حلّ مجلس النواب بحال استقال عددٌ معيّن من أعضائه، على العكس، نصّت المادة 41 من الدستور على أنّه إذا خلا مقعدٌ في المجلس، يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد أَجَل نيابة العضو القديم الذي يحلّ محلّه، أمّا إذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقلّ من 6 أشهر فلا يُعمد إلى انتخاب الخلف. فجُلّ ما يُمكن أن يحصل، وبحال حصلت استقالات جماعيّة من مجلس النواب، يتعطّل نصاب أي جلسة تشريعيّة لأنّ المجلس بحاجةٍ إلى نصاب النصف زائد واحد من عدد أعضائه، وإلا لا تُعتبر الجلسة قانونيّة وذلك سنداً لأحكام المادة 34 من الدستور".
ما هو الحلّ الأفضل في هذا الوضع؟ يرى مالك أنّ "الحلّ الأنسب اليوم بهذا الخصوص، لا يكمن بالاستقالة الجماعيّة، لأنّه عندها الحكومة ستعمل على إجراء انتخاباتٍ فرعيّة بحال تمكّنت من ذلك من أجل ملء هذا الشّغور، ولكن هذا لا يؤدّي حكماً إلى حلّ مجلس النواب".
ويشرح: "حلّ مجلس النواب، وعملاً بأحكام المواد 55 معطوفة على المادة 65 و77 منه، له حالات محدّدة ومعيّنة حصراً وبحاجة إلى رئيس جمهوريّة وهذا الأمر غير متوفر راهناً. فجُلّ ما يُمكن القيام به هو تعديل قانون الانتخاب 44/2017 وتحديداً المادة الأولى، بحيث تُقصّر مهلة ولاية مجلس النواب.. عندها تُلزَم الحكومة بالذهاب إلى انتخاباتٍ نيابيّة جديدة ضمن إطار تعديل المادة الأولى من القانون 44/2017".
إذاً، بين الدّعوات إلى استقالةٍ جماعيّة للنّواب والحلول المتوقّفة على تعديل القوانين، هل يبقى شعبٌ لبنانيّ؟!