ميشال نصر _خاصّ الأفضل نيوز
على إيقاع الحرب المستمرة في غزة ومفاوضاتها الضبابية، نتيجة السعي “الإسرائيلي” لعرقلتها تمهيدا لنسفها، يقبع لبنان على رصيف انتظار سياسي، تخرقه بعض المبادرات الداخلية لملء الوقت الضائع، الى حين الإفراج عن الملف الرئاسي المخطوف من جهة، و”زكزكات” كلامية بين المحورين من جهة اخرى، فيما العالم مشغول يترقب مستجدات محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق المرشح الرئاسي دونالد ترامب، وقبله عملية استهداف قائد الجناح العسكري لحماس في غزة محمد الضيف ، الذي لا يزال مصيره مجهولا.
الواضح أن أصحاب المبادرات على اختلافها، خلصوا إلى أن لا إمكانية،راهنا، لتحقيق أي خرق في الملف الرئاسي على المدى المنظور، نتيجة ربط الحلول اللبنانية بالتطورات الإقليمية والدولية، حيث تعيش المنطقة أجواء الحرب غير المعلنة تزامنا مع ارتفاع حدة مواقف التهديد والوعيد بالثبور وعظائم الأمور.
مصادر مواكبة للاتصالات والحركة الدولية تحديدا، رأت أن عواصم دول "خماسية باريس" مصابة بالإحباط، رغم إعلانها عن عودتها الى الساحة، مع تأكيد أحد سفرائها، أن الوقت بدأ يضيق، إذ مع نهاية شهر تموز سيدخل السفراء في عطلتهم الصيفية، وبالتالي، مع نهاية آب سيدخل العالم مدار الانتخابات الرئاسية الأميركية، الاستثنائية.
وتشير المصادر إلى أن "الخماسية" وضعت خارطة طريق اعتمدت في نص بيانها، مفردات مشابهة أو على الأصح تكاد تتطابق وما ورد في بيانات ما قبل اتفاق الطائف، والذي أمن لها منصة لبنانية لإخراج الحل العتيد، وهو ما يعني عمليا ترسيم حدود الاتفاق السياسي، وإخراجه من دائرة التكهنات، خصوصًا باعتبارها أن نواب المجلس يشكلون هيئة للتشاور، وهي الصفة نفسها التي اجتمع تحت عنوانها النواب في الطائف عام 1989، بوصفهم هيئة حوار لا كمجلس نيابي.
عند هذه النقاط تقاطعت مواقف الخماسية مع الحراك الفاتيكاني، مع زيارة أمين سر دولة الفاتيكان الى بيروت، والذي تحدث بالروحية ذاتها، حيث تكشف إحدى القيادات المسيحية التي التقت به عرضه مجموعة من الأسماء أمامها، مشيرًا إلى أنها قد تكون الفرصة الأخيرة للوصول الى رئيس من نوعية "الخيار الثالث".
وتتابع المصادر بأن التفويض الأميركي المعطى لسفراء خماسية باريس، ينحصر راهنا في إعداد تلك "الخارطة"، ومعرفة مدى التغيير الذي لحق بمواقف الأطراف السياسية المعنية والمؤثرة في انتخاب الرئيس، واستعدادها للسير بتسوية رئاسية وفقا "للشروط" الدولية، وهو أمر وإن دل على شيء فعلى أن واشنطن نسفت عمليًا المبادرة القطرية وأوقفت مسارها، وسط حديث عن "دفش" باريس، التي فهمت اللعبة وعدلت مسارها بما يتلاءم والمواقف الأميركية.
وكشفت المصادر عن مواصلة العواصم الكبرى في مطابخها السرية اتصالاتها لحماية لبنان من حرب أميركية جدية متوقعة، حيث يتركز البحث بحسب المعطيات على ضبط حدود العملية التي ستنجز وأهدافها، على أن تحقق فصلا بالنار لساحة لبنان عن تطورات المنطقة قبل التسوية المفترضة. وهو ما تؤكد عليه أوساط متابعة بعد جولة خارجية لها شملت أكثر من عاصمة أوروبية وصولاً الى واشنطن، التقت خلالها وزيرا سابقا في إدارة الرئيس ترامب وسفيرًا خدم في بيروت قبل عام 2005، يؤديان دورًا أساسيًا هذه الأيام في ما خص الملف اللبناني، وأن الثنائي المذكور قد أنشأ فريقًا بدأ التواصل بموافقة ديموقراطية، مع بعض العواصم لتسهيل مهمته وتسويق حلوله.
وختمت المصادر أن المخاض سيكون صعبًا، وأن الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون مؤلمة لبنانيًا، إذ أن الأطراف اللبنانية أظهرت مرارًا ميلها الى تبني الحلول "عالسخن"، خصوصًا أن الحرب في غزة مستمرة وستتوسع الى خارجها، وقد يكون أبعد من الساحة اللبنانية، ناصحة الجميع بإعادة قراءة خريطة المنطقة التي تتشكل والتوازنات الجديدة المطلوبة، وعدم البناء على المعادلات السابقة التي حكمت لفترة طويلة، خصوصًا بعد محاولة اغتيال المرشح الأميركي الجمهوري.