كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يضغط المستوطنون الإسرائيليّون في شمال فلسطين المحتلّةِ، على حكومتهم برئاسة بنيامين نتنياهو، لمعرفة مصيرهم، بعد مرور حوالي عشرة أشهر، على مغادرتهم لمنازلهم، بعد أن بدأ "حزب اللّه" مساندة غزّة، في الحرب المدمّرة التي يشنّها عليها الجيش الإسرائيليّ، وربط الأمين العام لـ "حزبِ اللّه" السيد حسن نصر الله، وقف المواجهة العسكريّة في الجنوبِ، بوقف الحرب على غزّة، وهذا شرط تبلّغه الموفدون الدوليّون، لا سيّما المبعوث الرّئاسي الأميركي آموس هوكشتاين بأنَّ جبهة الجنوبِ مرتبطة بـ "غزّة"، ولا يمكن فكّ الارتباط بينهما، ممّا دفع به، إلى وقف زياراته إلى لبنان، لأنّه سيسمع الجواب نفسه من المسؤولين فيها، لا سيّما الرّئيس نبيه برّي، المُوكل من "حزب اللّه" متابعة الاتصالات الدبلوماسيّة والسّياسيّة، بشأن الجنوب، كما كان دوره في أثناء الحرب الإسرائيليّة على لبنان صيف ٢٠٠٦.
فوزير الدّفاع يواف غالانت الذي زار مؤخّرًا الجبهة الشماليّة، تحدّث عن أنّ الحكومة الإسرائيليّة ما زالت تعطي وقتًا، للحلّ الدّبلوماسيّ، بتطبيق القرار ١٧٠١ عن مجلس الأمن الدّولي في ١٢ تموز ٢٠٠٦، والذي أوقف الأعمال العسكريّة بين العدوّ الإسرائيليِّ والمقاومة في لبنان، الذي يدعو إلى تطبيقه، من الجانب الإسرائيليِّ بالانسحاب من الأراضي اللبنانيّةِ المحتلّةِ في مزارعِ شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشّمالي لبلدة الغجر، وهذا ما ترفض إسرائيل تنفيذه، ومن هذه المناطق المحتلّةِ، بدأت المقاومةُ في لبنان مساندتها العسكريّة لـ "غزّة"، لكن العدوَّ الإسرائيليَّ وسّع عدوانه على كلّ الخطِّ الممتدِّ من الناقورةِ إلى شبعا، وتصل اعتداءاته إلى مسافة أبعد، فتردُّ المقاومةُ بما يناسب قواعد الاشتباك، التي ما زالت محصورة في مساحة جغرافية في الشّريط الحدودي، المُتاخم لفلسطين المحتلّةِ.
فوقفُ الحرب في غزّة، شرطٌ للهدوء في الجنوب، وليس مرتبطًا بالقرار ١٧٠١، الذي يأتي تنفيذه لاحقًا، ويقول مصدرٌ سياسيٌّ متابع لأنّه لا يمكن إعطاء هديّة مجانيّة للعدوِّ الإسرائيليِّ، بتأمين الأمن في جبهته الشّماليةِ، ليستكمل حرب الإبادة الجماعيّةِ على غزّة، وهذا الشّرط الذي يفرضه "حزب اللّه" بدأ يُلاقي قبولًا وتأييدًا داخل الكيان الصّهيوني، بالضّغط على القيادة السّياسيّة لتطلب من الجيش وقف الحرب في غزّة، فتتوقّف الأعمال العسكريّة شمالًا، وفي الوقت نفسه تحصل صفقة تبادل الأسرى بين حركة "حماس" والعدوِّ الإسرائيليِّ، لكنّ نتنياهو يرفض أيَّ وقف للحرب، وهو لم يحقّق أهدافه فيها، وما زال يتكبّد الخسائر البشريّة في صفوف الجيش الّذي يتآكل ويحصل فرار منه مع رفض الاحتياط المشاركة في الحرب، التي نتج عنها أزمة اقتصاديّة وتراجع الاستثمار في الكيان الصّهيوني.
هذا المأزق الّذي وقع فيه نتنياهو، يحاول أن يجد له حلًّا في زيارته لأميركا، التي سيستغلّها رئيس الحكومة الإسرائيليّة مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لتأمين مساعدات ماليّة وعسكريّة، وسيقنع كلًّا من الرّئيس الأميركي جو بايدن والمرشّح الرّئاسي دونالد ترامب، الذي يرتاح نتنياهو للتّعاون معه، بالرّغم من أنَّ بايدن هو الذي أعطاه الضّوء الأخضر لبدء الحرب على غزّة، للقضاء على "حماس"، لكنّه لم يتمكّن من تحقيق ذلك، فلم يستطع إيقافه عند الضّوء الأحمر، وهذا ما أضعف بايدن انتخابيًّا، لا سيّما في الجالية العربيّة والإسلاميّة.
من هنا، فإنَّ زيارة نتنياهو إلى أميركا، ستقرّر مصير الحرب، فإذا عاد بالدّعم المالي والعسكري والسّياسي، فيعني ذلك أنَّ المنطقة ستكون أمام حرب شاملة، إذا غامر العدوُّ الإسرائيليُّ، بتوجيه الجيش نحو لبنان، وتنفيذ تهديده باجتياح الجنوب نحو شمال الليطاني، وهذا ما ردَّ عليه السيد نصرالله، في خطابه العاشورائيّ الأخير، بأنَّ المقاومة تنتظر دبّاباته، التي يُعاني جيشه من نقصٍ فيها بخسارته حوالي ألف دبّابة في غزّة، وهذا ما سيتكبّده في لبنان، وهذا ما حصل معه في وادي الحجير وسهل الخيام ومارون الراس صيف ٢٠٠٦.
فالمقاومةُ مستعدّةٌ لكلّ احتمال، وإنَّ العدوَّ الإسرائيليَّ الذي فقدَ منطقة الشّمال قد يلجأ إلى توسيع الحرب، والّتي ستردُّ عليها المقاومةُ باستهداف مستوطنات جديدة، وستدخلها كلّ ساحات المقاومةِ بما فيها إيران.

alafdal-news



