كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يجزمُ عددٌ من النّوّاب، وفي مقدّمهم نائب رئيس مجلس النّواب الياس بو صعب، أنَّ المجلس الحاليّ الذي انتخب قبل أكثر من عامين، لن يستطيع انتخاب رئيس للجمهوريّة، لأنَّ توزّع الكتل النّيابيّة فيه، لا يُعطي أكثريّة لأحد، وهذا ما حصل خلال ١٢ جلسة انتخاب لرئيس الجمهوريّة، فلم يحرز أيّ مرشّح العدد المطلوب، في تأمين الثّلثين، بل أنَّ آخر مرشّحين وهما جهاد أزعور نال ٥٩ صوتًا وسليمان فرنجيّة ٥١ صوتًا.
وعرض بو صعب الوضع على رئيس مجلس النّوّاب نبيه برّي، محذّرًا من أنّه إذا لم يحصل انتخاب رئيس للجمهوريّة، وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال، فإنَّ مجلس النّواب قد يصل إلى الفراغ، أو يمدّد لنفسه، وكلّ ذلك يشكّل مزيدًا من الانحلال في المؤسّسات الدّستوريّة، والانهيار في هيكل الدولة، والإفلاس في النّظام السّياسيّ.
فدعا بو صعب إلى انتخابات نيابيّة مُبكرة بحلِّ مجلس النّوّاب نفسه، أو تقديم استقالات جماعيّة، لإعادة تكوين سلطة، وهذا ما تلجأ إليه دول، عندما يختلّ التّوازن في التّمثيل النّيابي.
لكن الرّئيس برّي لم يأخذ باقتراح بو صعب، وطلب منه التّروّي، ولم يفقد بعد الأمل بانتخاب رئيس للجمهوريّة، وهناك مساعٍ داخليّة وأخرى خارجيّة، تعمل لإنهاء الشّغور الرّئاسي، وما زال أمام مجلس النّواب حوالي العامين لانتهاء مدّته، فلماذا التّسرّع بالدّعوة إلى انتخابات نيابيّة مُبكرة، لأنَّ الاصطفافات الداخليّة، لن تغيّر كثيرًا في توزيع الكتل النّيابيّة، وقد لا يكون عدد "النّواب التّغييريّين" هو نفسه في الانتخابات الأخيرة، بعد انكشاف زيف ادعاءاتهم بالتّغيير، ففضحوا أنفسهم، قبل أن يتعرّف المواطنون على ممارساتهم.
وما أعلنه بو صعب، كان من باب التّحذير، الذي لم يُؤخذ به، وهو الإجراء الّذي تلجأ إليه الدّول الّتي تتبع الديمقراطية وتمارسها، فقبل شهرين حلَّ الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجلس النّواب الفرنسي، ودعا إلى انتخابات، علّه يغيّر في واقع التّمثيل السّياسيِّ لصالحه، فكانت النتيجة، أنَّ اليسار الفرنسي فاز بأكثريّة المقاعد ولم يحصل على أغلبيّة ٢٨٩ مقعدًا ولم يحقّق اليمين ما كان يَعدُ نفسه به، وهو الفوز بالغالبيّة، ليتقدّم عليه الوسط.
وباتت فرنسا لا تتمثّل بأغلبيّة، لتحكم بل عليها إقامة تحالفات بين أحزابها وتيّاراتها، وهذا ما حصل في إسرائيل، الّتي أجرت خمسة دورات انتخابيّة للكنيست، ولم يحصل أيّ حزب على أكثرية فاضطر "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو، أن يتحالف مع الأحزاب الدينية المتطرّفة ليشكّل حكومته.
وفي لبنان، إذا جرت انتخابات نيابيّة مبكرة، لن تغيّر في توزيع المقاعد على الكتل النّيابيّة الأساسيّة، فيبقى الثّنائي "أمل" و"حزب اللّه" يملك ٢٧ نائبًا شيعيًّا والحزب التّقدمي الاشتراكي غالبيّة النّوّاب الدروز، ويتوزّع النّواب المسيحيّون، كما هو حال واقعهم اليوم، وقد يستفيد حزب "القوّات اللبنانيّة" وحزب "الكتائب"، من صعود الخطاب الطّائفي في السّاحة المسيحيّة، وتبقى الطّائفة السّنّيّة، من دون مرجعيّة أساسيّة، مع استبعاد عودة سياسيّة لـ "سعد الحريري"، وفشل بهاء الحريري في أن يكون الوريث السّياسي، مع انكفاء شقيقه سعد، وملأ الفراغ، نوّاب هامشيون لا تاريخ لهم في العمل السياسي.
من هنا، فإنَّ دعوة بو صعب إلى انتخابات نيابيّة مُبكرة، لم تلق تجاوباً عند برّي، ولا حماساً سياسيًّا، ولا اهتمامًا شعبيًّا، لأنَّ النّتيجة لن تتبدّل كثيرًا، إلا من بعض الخروقات، وأن الحصول على الأكثريّة النّيابيّة، في انتخابات مُقبلة، يمكن أن يحصل وفق قانون الانتخاب والّذي أفرز مجلس النّوّاب الحالي تكتّلات طائفيّة، كما أنَّ اعتماد النّسبيّة مع الصّوت التّفضيلي لم يشكّل عدالة، إذ أنَّ نائباً في طرابلس فاز بـ ٧٩ صوتًا وآخر في الأشرفية بـ ٤٥٣ صوتاً.

alafdal-news



