مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
لم يعد استهلاك الأسماك في لبنان، متاحًا للجميع بل بات محصورًا بالطّبقة الغنيّة، القادرة على شراء السّمك بانتظام.
فبحسب منظّمة الغذاء العالميّة "فاو"، انخفض استهلاك الأسماك في لبنان إلى 9 كيلوغرامات للفرد سنويًّا مقارنةً مع معدل عالمي يبلغ 20.5 كيلوغرامًا للفرد. فلماذا ارتفعت أسعار السمك لهذه الدرجة؟
تفسّر "فاو" أنّ السّعر يرتفع بين المستورد والبائع بالتجزئة من 15% إلى 20%، ثمّ يرتفع مرّة أخرى بنسبة 30% بين البائع والمستهلك.
وفي السياق، أطلقت وزارة الزراعة "خطّة تطوير قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية"، تهدف إلى فتح باب الاستثمار في قطاع الأسماك، ودفع رؤوس الأموال لتجديد وتطوير قطاع الصيد البحري، وتأكيد أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتبيّن أنّ سعر المبيع أعلى بثلاثة أضعاف من سعر الاستيراد، إذًا لمن ستعود الأرباح؟
بالأرقام
عام 2018 (أي قبل الأزمة)، استورد لبنان حوالي الـ 25,182 طنًا من السمك بقيمة 103 ملايين دولار. أما عام 2023 فقد استورد 13,552 طنًا بقيمة 56 مليون دولار. تمثّل هذه الكميات نحو 75% من مجمل الاستهلاك المحلّي إذ ينتج لبنان ما بين 5 آلاف طن و6 آلاف طن غالبيتها من الصيد في بحر لبنان لتغطية 25% من الاستهلاك المحلي. لكن، وفقًا لدراسة أعدّتها "فاو"، فإنّ أسعار السمك المنتج محليًا أعلى من أسعار السمك المستورد.
ووفقًا لأرقام الجمارك، السعر الوسطي لكيلوغرام السمك المستورد في لبنان يبلغ 4 دولار.
وهذا السعر الذي يمثّل معدّل الكلفة على النقاط الحدودية قبل دخوله السوق المحليّة، لم يتحرّك إلّا بشكلٍ طفيفٍ في السنوات الماضية. لكن متوسط سعر المبيع في السوق المحليّة أعلى بنحو ثلاثة أضعاف، إذ تقدّر "فاو" القيمة السوقية لمبيعات السمك المستورد بنحو 155 مليون دولار.
فقرّرت حينها وزارة الزراعة اتّخاذ إجراءات تؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي وتحديث أسطول الصيد المحلي بالشراكة مع القطاع الخاص وتجهيز تصميم جديد لزوارق الصيادين كلفته أقل بنسبة 30% من الزوارق المستخدمة حاليًّا.
التّجار يحتكرون السّوق والأزمة تقع على عاتق الصيّادين
في حديثه لموقع "الأفضل نيوز"، يلفت سيمون، صيّاد يمتلك مسمكة في منطقة الصفرا، إلى أنّ التّجار هم من احتكروا السّوق ووضعوا تسعيراتهم على هواهم.
ويقول: انخفضت نسبة المبيع إلى أكثر من 60 % عن الموسم الماضي، بعد أن كان أهل المنطقة يأكلون الأسماك على أنواعها في بحر الأسبوع بانتظامٍ. ويعود السبب الرئيسي وراء ذلك، على حدّ تعبيره، إلى ارتفاع الأسعار ودولرة القطاع بالكامل. ولكن نحن من تقع عليه مسؤولية بيع هذه الأسماك وإلّا خسرناها.
وتابع: مصاريفنا ازدادت واتّكالنا على هذه الأسماك وبيعها للننال رزقنا اليومي. لكننا وللأسف نواجه مشاكل في بيعها، ممّا يستدعينا في الكثير من الأحيان إلى رميها وتلفها.
على من تتّكلون؟
يعتبر سيمون أنّنا في الماضي البعيد، كنّا نعتمد على بيع السمك بكمياتٍ كبيرةٍ للأكشاك والمطاعم والمسابح، وبالتالي نربح فيها الكثير والحمد للهّ. أمّا اليوم، ومع وجود الزّوارق وتعدّد أنواع الصيد وتطوّره، وأيضًا منافستنا الحادّة مع مستوردي الأسماك الأجنبية، وعدم مقدرة الطبقة المتوسطة والفقيرة من شراء السمك، انهار قطاعنا وانهرنا معه.
لذلك، نطلب من المسؤولين والدّولة النّظر إلى وضعنا الصعب ووضع خطة إنقاذيّةٍ لشفائنا من هذا الوضع المشؤوم.

alafdal-news
