عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
لم يحصل أن استهدفت المقاومة منذ عشرة أشهر من المواجهة على الجبهة الجنوبية مستوطنًا مدنيًّا" في شمال فلسطين المحتلة، وحتى عندما كان العدو يستهدف مدنيين لبنانيين، كانت المقاومة ترد بقصف المواقع العسكرية الإسرائيلية حصرًا.
بناء على مسار تلك التجربة، فمن الأولى أن المقاومة في لبنان لن تقصف سكان مجدل شمس الدروز في الجولان السوري المحتل، خصوصًا الأطفال والفتية ممن كانوا متجمعين في أرجاء ملعب كرة القدم.
كذلك، فإن المقاومة التي تصيب أهدافها العسكرية بدقة وحرفية وثقتهما أفلام الفيديو المصورة الدرجة أنها "زرعت" أحد صواريخها بين قدمي عسكري إسرائيلي في إحدى المرات، من غير المنطقي أن تخطئ هدفها بهذا الشكل الدراماتيكي في الجولان المحتل، ولو حصل أن أخطأت بسبب وقوع خلل ما على سبيل الافتراض، فهي لا تنقصها شجاعة الاعتراف والاعتذار، خصوصًا أن البعد الأخلاقي - الشرعي يشكل جُزءًا تكوينيًّا من أصل ثقافتها وسلوكها.
ربطًا بكل هذه الاعتبارات، يصبح الاتهام الإسرائيليّ لحزب الله بقصف الملعب في مجدل شمس هزيلًا وهشًّا، لاسيما أن "السجل العدلي" الأسود لمطلقه لا يسمح له بإصدار الأحكام في هذا المجال وهو المتخصص في قتل الأطفال والأبرياء.
ولعل الطريقة الأسهل لمعرفة الحقيقة تكمن في السؤال عن هوية المستفيد الأول والأكبر من "الصاروخ المريب"، والجواب طبعًا هو الكيان الإسرائيليّ الذي سارع إلى الاستثمار في الواقعة قبل انقشاع الدخان، لتمهيد الأرض أمام تصعيد عسكري إضافي وتبرير ما يمكن أن يرتكبه من جرائم لاحقة، وللإمعان في تشويه صورة حزب الله وتأليب الرأي العام العربي عمومًا، والدرزي خصوصًا، عليه.
وبهذا المعنى، كان واضحًا أنه أُريد لشظايا الصاروخ على مجدل شمس أن تصيب أيضًا النسيج الداخلي اللبناني وأن تزيده تمزقًا وتفسخًا، عبر محاولة وضع حزب الله في مواجهة المكوّن الدرزي في عز المعركة ضد العدو الإسرائيلي، وصولًا إلى إضعاف الجبهة الداخلية أكثر فأكثر وإحراج المقاومة.
وهنا، يُسجل للرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مبادرته الفورية إلى سحب فتيل الفتنة وإجهاض المخطط الإسرائيلي، من خلال تأكيده أنه "وفي ضوء بيان حزب الله الذي ينفي علاقة المقاومة الإسلامية بما حصل في مجدل شمس، فإننا نشدد على التحذير ممّا يعمل عليه العدو لإشعال الفتن وتفتيت المنطقة واستهداف مكوّناتها، ونحن له بالمرصاد إلى جانب المقاومة وكل المقاومين الذين يواجهون الإجرام والاحتلال الإسرائيلي."
وتعتبر أوساط سياسية أن موقف جنبلاط المتعالي عن الانفعالات المذهبية يعكس تحسسه بالمسؤولية في الظرف الحساس الحالي، ويثبت مرة أخرى أن الرجل لا يخطئ البوصلة عندما يتعلق الأمر بمواجهة العدو الإسرائيليّ ومشاريعه المشبوهة.
وتشير الأوساط إلى أن جنبلاط لم يقع في فخ التحريض الإسرائيلي، بل ذهب في اتجاه معاكس تمامًا وهو الدفع نحو تحصين التماسك الداخلي لمنع تسلل أي طرح خبيث في هذا التوقيت الدقيق، وبالتالي فإن ما صدر عنه يشكل جُزءًا من المعركة السياسية ضد الاحتلال وأجندته.

alafdal-news



