طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران وبعد أقل من 24 ساعة على اغتيال فؤاد شكر المعاون الجهادي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت بات الوضع في لبنان والمنطقة أمام احتمالين: إما ردود كبيرة على إسرائيل تعرضها لحرب استنزاف غير معروفة المدى، أو إعلان حرب التحرير الشاملة ضدها بفتح النار عليها من كل الجبهات بما يقوضها ويفقدها القدرة على أي رد بما يؤدي إلى سقوطها.
ويقول مصدر مطلع أن إطلاق الولايات المتحدة الأميركية يد إسرائيل في عمليات اغتيال كبيرة من هذا النوع والتي تظهرها أنها تملك اليد الطولى والقادرة على اغتيال من تريد وساعة تريد وأن تصيب أي هدف تريد في المنطقة، إنما يطرح أسئلة كبيرة حول هذا "الدلال" غير المفاجئ ولكن الزائد، لإسرائيل، وهل المطلوب تمكنيها من استعادة قوة الردع التي كانت تملكها وفقدتها منذ حرب 2006 وصولا إلى حرب غزة الراهنة تمهيدا لإقامة إسرائيل الجديدة وهي إسرائيل الدولة اليهودية الخالصة من النهر إلى البحر على أنقاض أرض فلسطين التاريخية بعد الإجهاز النهائي على قطاع غزة وتهجير من تبقى من سكانه، وكذلك الإجهاز على الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن ليكون الوطن البديل للفلسطينين؟ أم هل أن التسهيلات والدعم اللذين أعطيا لإسرائيل لتنفيذ هذه الاغتيالات الكبيرة والخطيرة يراد منها توريطها أكثر في حروب مع المحيط العربي والإسلامي وتحديدا مع محور المقاومة تمهيدا للحرب الشاملة الواسعة النطاق الموعودة التي تنتهي بزوالها وقيام دولة فلسطين التاريخية على أرضها التاريخية من البحر إلى النهر يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود على قدم المساواة ويخير اليهود الذين استجلبتهم اسرائيل من دول العالم بين العيش في فلسطين كمواطنين إلى جانب الآخرين أو العودة إلى الدول التي أتوا منها؟
يقول المصدر المطلع نفسه إن الأجوبة على هذين السؤالين يفترض أن تتبلور من خلال تطور الأوضاع في قابل الأيام، وكذلك من خلال طبيعة الردود التي سيلجأ إليها محور المقاومة ضد إسرائيل، كذلك ستتبلور الأجوبة من خلال طريقة تصرف الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الحليفة لها إزاء هذه الردود، لأن هذا التصرف سيظهر ما إذا كانت إسرائيل ما تزال حاجة استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية والغرب عموما أم أن هذا المحور الغربي قرر توريطها تمهيدا للخلاص منها لأنها لم تعد حاجة له وإنما باتت عبئا عليه وتضر بمصالحه، والمؤشرات إلى ذلك ما شاهدته الدول الغربية من الولايات المتحدة الأميركية إلى الدول الأوروبية من تظاهرات وحراكات تضامن مع الشعب الفلسطيني وتنديد بإسرائيل ويتضمن مع الشعب الفلسطيني والذي يتعرض للقتل والتدمير في قطاع غزة والضفة الغربية منذ اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023 وحتى اليوم.
ويعتقد بعض الأوساط في محور المقاومة أن أركان المحور منكبون حاليا على تشاور واسع النطاق لتحديد الخيارات التي سيعتمدونها للرد على إسرائيل، فاغتيال هنية في طهران أعطى القيادة الإيرانية حق الرد على قتل ضيف في بيتها قبل أن يكون هذا الرد واجبا عليها كونها تقود محور المقاومة. كما أن اغتيال المعاون الجهادي للسيد نصرالله في ضاحية بيروت الجنوبية شرع الأبواب أمام حزب الله للرد الذي يراه مناسبا على هذا الاغتيال، وقبل هذين الردين هناك الرد اليمني المنتظر على الهجوم الإسرائيلي على مدينة الحديدة على البحر الأحمر وكذلك هناك رد منتظر للمقاومة العراقية على التفجيرات التي تعرض لها أحد مقار "الحشد الشعبي" بالتزامن مع اغتيال القيادي الجهادي في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما يعني أن محور المقاومة هو الآن في صدد مجموعة ردود ربما يوحدها برد واحد، أو رد بمنازل كثيرة وفي توقيت واحد ولكن في أماكن متعددة.
وتؤكد هذه الأوساط أن الحرب التي بدأت بطوفان الأقصى هذه المرة لن تتوقف كسابقاتها وخلافا لكل المحاولات الجارية لتحقيق وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإن حصل هذا الوقف فإنه لا يعني وقفا نهائيا للحرب، فهذه الحرب سوف تتدحرج شيئا فشيئا وربما ستكون على مراحل، وهنا بدأ الجميع يتذكر كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن كسب الحرب ضد إسرائيل بالنقاط في انتظار توافر الظروف المناسبة لخوض حرب التحرير الكبرى. كذلك تذكر الجميع كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الشرق الأوسط مقبل على التصعيد وذلك خلال لقاء الأخير في الكرملين مع الرئيس السوري بشار الأسد. ويبدو أن هذا التصعيد الذي بدأ قبل عودة نتنياهو من واشنطن وبعدها لن يتوقف عند اغتيال هنية، خصوصا في ظل معلومات عن لائحة اغتيالات حملها نتنياهو معه إلى واشنطن وعاد بموافقة أميركية على تنفيذها على أن اغتيال فؤاد شكر في الضاحية وهنية في طهران لا يعفيان المعنيين بهما من تحمل المسؤولية لما يشكلانه من اختراق خطير والانكشاف الأمني كبير وخطير أمام مخططات إسرائيل التي تحاول تحقيق ما سماه نتنياهو "النصر المطلق" الذي تطمح إليه عبر تنفيذ جرائم اغتيال قادة كبار في محور المقاومة في الوقت الذي فشلت في تحقيق نهذا النصر في الميدان سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان.
لكن الواضح من ردود الفعل الإيرانية على اغتيال هنية في طهران أن هناك ردا كبيرا سيحصل على هذا الاغتيال إذ أعلن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي عن رد إيراني مباشر قائلا: "إسرائيل مهدت الطريق لعقاب شديد منا، وأن الثأر لدماء هنية من واجب إيران لأنه استشهد على أرضنا" .فيما قال الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان: "إيران ستدافع عن سلامة أراضيها وشرفها وستجعل الغزاة يندمون على أعمالهم الجبانة".