كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
دخل "محور المقاومة" المكوّن من إيران كقائد له، ومعها حلفاء لها وهم "حزب اللّه" في لبنان، و"أنصار الله" (الحوثيون) في اليمن، و"الحشد الشّعبيّ" في العراق، وفصائل فلسطينيّة مقاومة في غزّة والضّفةِ الغربيّةِ وسوريا، في حرب مع العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي اغتال قائدين مقاومين بارزين وهما رئيس المكتب السّياسيّ لحركة "حماس" اسماعيل هنية في إيران، والجهادي فؤاد شكر في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية، وهما يلتحقان بقافلة الشهداء، ومنها قادة بارزون كالأمين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي، ومؤسّس حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين، ومؤسّس حركة "الجهاد الإسلامي" فتحي الشقاقي، إلى آخرين من القيادات الفلسطينيّة واللبنانية على مدى عقود من سنين الصّراع مع الاحتلالِ الإسرائيليِّ، الذي لم يشهد منذ اغتصابه لفلسطين قيام هذا التّحالف المقاوم ضدّه، واتخاذ القرار الموحّدِ في قيادة المواجهة العسكريّة، وهذا لم يكن ليحصل، لو لم تنتصر "الثّورة الإسلاميّة" في إيران بقيادة الإمام الخميني، الذي أوّل ما فعله، هو إغلاق سفارة إسرائيل في طهران، وافتتاح سفارة فلسطين، ورفع شعار "إسرائيل" غدّة سرطانيّة في جسد الأمة، لا بدّ من اقتلاعها، وكانت أوّل نموذج مقاومة تأسّس في لبنان من قبل "الحرس الثّوري الإيراني"، فنشأ "حزب اللّه" أو "المقاومة الإسلاميّة" بعد الغزو الصهيوني للبنان عام ١٩٨٢، حيث تمكّنت هذه المقاومة وبعد سنوات وبعمليّات المقاومة من تحرير لبنان من الاحتلالِ الإسرائيليِّ في ٢٥ أيار ٢٠٠٠، وتمدّد هذا النّموذج باتجاه فلسطين، فكانت حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وفصائل فلسطينيّة أخرى، وتوسّع وجود حلفاء للمقاومة نحو العراق مع سقوط النّظام فيه برئاسة صدام حسين، مع الغزو الأميركي للعراق، الذي استفادت منه إيران، بتمكين حلفاء لها من الوصول إلى مراكز القرار، فكان تأسيس "الحشد الشعبي" و"حزب اللّه - العراق"، فتغيّرت الجغرافية السّياسيّة للمنطقة، فأصبح لإيران حضورٌ امتدَّ إلى اليمن مع تمكّن "الحوثيون" من السيطرة على صنعاء، فبات للجمهورية الإسلامية نفوذٌ في أربع من العواصم العربية، وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، إضافة إلى دعمها للفصائل الفلسطينيّة المقاومةِ.
فلم يتوقع العدوُّ الإسرائيليُّ، أن يقوم للمقاومة محورٌ واسعٌ تقوده دولة تقوى تسليحًا في المنطقة وهي إيران، في وقت كانت أنظمة في العالم العربي تستسلم أمام العدوِّ الإسرائيليِّ وتقيم "اتفاقات سلام" معه، وافتتحتها مصر برئاسة أنور السادات، وكان لبنان الدولة الثانية، التي وقعت اتفاق ١٧ أيار بعد احتلال إسرائيل له، لكن المقاومة أسقطته وبدأت بتحرير أرضه، وهذا ما شكّل رافعة للمقاومة التي لاقت دعمًا من سوريا التي لم تنخرط في "السلام" المُذلّ، بل ساندت إيران سياسيًّا، في ظلّ الحملة الأميركية عليها، ودفع أنظمة عربية لاعتبارها العدوّ ووقف تمددها في العالم العربي.
هذا المحور المقاوم الذي بدأ بناؤه منذ الثمانينات من القرن الماضي، بدأ قوّة عسكريّة بمواجهة العدوّ الإسرائيليّ، الذي يخسر جيشه في معاركه، ولم يعد قوّة لا تقهر، ففشل في تحقيق أهدافه في غزّة بعد عمليّة "طوفان الأقصى" التي نفّذتها "كتائب القسام" في ٧ تشرين الأوّل الماضي، ودخلت فصائل محور المقاومة في حرب المساندة إلى جانب غزة، وهو ما أظهر الجيش الإسرائيليّ ضعيفًا في عدم حسن الحرب خلال أيام.
ولما فشل الجيش الإسرائيليّ في تحقيق أهدافه في غزّة، واستمرار جبهة لبنان في الجنوب على صمودها ومواجهة العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي خسر في غزّة ولو ربح في تدميرها، لأنه لم يقضِ على المقاومةِ فيها، وهو لم يتمكّن أيضًا في لبنان، فلجأ إلى الاغتيالات، علّه يُضعف محور المقاومة، وبأنّ يده تطال قادة المقاومةِ في طهران كما في معقل المقاومةِ في الضاحيةِ وهذا ما فرض تغيير قواعد الاشتباك معه، والذهاب إلى حرب حتميّة معه، وهذا ما جعل محور المقاومة يبدأ بدرس الأساليب التي ستغيّر قواعد اللعبة، وعقدت لقاءات بين قادة محور المقاومة في طهران، فأكد مرشد الثورة الإسلامية الإمام علي خامنئي أن قرار الحرب لا بدَّ منه لردع إسرائيل، وتبعه الأمين العام لـ "حزبِ اللّه" السيد حسن نصر الله، ليعلن في تشييعِ فؤاد شكر، أن أساليب المواجهة مع العدوِّ الإسرائيليِّ تبدّلت، وأن الكيان الصهيونيِّ دخل في نهايته.

alafdal-news
