كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يسيطر الجمود السّياسيّ على لبنان، الذي يعيش شغورًا في رئاسة الجمهوريّة، مضى عليه حوالي عامان، وتتولّى حكومة تصريف أعمال صلاحيّة رئيس الجمهوريّة، الّتي يدور خلاف حولها، بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و"التّيار الوطنيّ الحرّ"، الّذي يقاطع جلسات الحكومة، ويعتبرها غير دستوريّة، في وقت يسمح للوزراء الّذين يمثّلونه بأن يحضروا بعض الجلسات، أو الاجتماعات الوزاريّة، كما ممارسة مهامهم في وزاراتهم، حيث ساهم هذا الخلاف بتعطيل المزيد من الأعمال للمؤسّسات، وحصل شغور في وظائف للفئة الأولى، كما في حاكميّة مصرف لبنان التي تولّاها نائب الحاكم الأوّل وسيم منصوري، بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، الذي رفعت دعاوى في لبنان والخارج تتّهمه باختلاس أموال، وتحمّله مسؤوليّة ما وصلت إليه الليرة اللبنانيّة من انهيار.
فالانتخابات الرّئاسيّة مؤجّلة إلى وقت بعيد، لأنَّ لا مبادرات حولها داخليًّا، ولا حراك خارجيٌّ تجاهها، سوى ما تقوم به "اللّجنة الخماسيّة" المكوّنة من أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، إضافة إلى شلل كلّ ما طرح من اقتراحات وأفكار من كتل نيابيّة، فوضعت في الثّلاجة
وسيبقى "الستاتيكو" الرّئاسي، في ظلِّ منطقة تعيش حربًا في غزّة يقوم بها العدوُّ الإسرائيليُّ، ضدَّ الشّعب والمقاومة فيها، وتقف إلى جانب غزّة ساحات مساندة، والأكثر سخونة فيها لبنان، الذي يخوض "حزب الله" فيه مواجهة عسكرية مساندًا غزّة منذ ٨ تشرين الأول الماضي، وبعد يوم واحد على عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها "كتائب القسام" في حركة حماس والتي أبدت مرونة وتجاوبًا مع مبادرات واقتراحات وقف الحرب على غزّة، لكن العدوَّ الإسرائيليَّ، ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو ، الذي يراوغ في الاستجابة لوقف الحرب، لأنّه ما زال يحاول عسكريًّا صنع انتصار له في غزّة وتحقيق أهدافه بالقضاء على "حماس"، واستعادة الأسرى الإسرائيليين بعملية تبادل مع أسرى فلسطينيين، لكن المفاوضات والاتصالات لم تصل بعد إلى نهاية إيجابية، وهذا ما ترك الحرب مستمرّة في غزّة، والتي لا تساعد على توقفها في جبهة جنوب لبنان.
فلبنان سيبقى في شغور رئاسي إلى وقت لا أحد يمكن تحديده، ويخشى مسؤولون من نواب ووزراء أن يطول انتخاب رئيس للجمهورية، ويذهب متشائمون، إلى أن المجلس النيابي الحالي الذي دخل عامه الثالث، قد لا يتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية، ويخشى أن لا تحصل أيضًا الانتخابات النيابية ممّا يفرض التمديد له، كما حصل في مراحل سابقة، لأسباب عدة منها الحرب الأهلية.
ومع استمرار الشغور الرئاسي، وترهّل وشلل المؤسّسات الدستورية، فإن لبنان أمام مرحلة صعبة ودقيقة، لا بل خطرة، وهو الذي يمر في حالة مواجهة عسكريّة بين "حزبِ اللّه" والعدوِّ الإسرائيليِّ عند الحدود اللبنانيّةِ مع فلسطين المحتلة، وإنَّ خطر توسّعها متوقّع دائمًا، إذا ما حصل في قواعد الاشتباك، التي ما زالت قائمة، ومرَّ الرَّدُّ الذي قام به "حزب اللّه" على اغتيال القائد الجهادي فيه الشهيد فؤاد شكر، محددًا بأهداف عسكريّة، وأبرزها وحدة الاستخبارات المعروفة بـ ٨٢٠٠، مع ١١ موقعًا عسكريًّا لأسلحة مختلفة، لكن العدوَّ الإسرائيليَّ، أعلن أنه تمكّن من إجهاض عمليّة الرّدِّ، لأنه علم بها ودمّر منصّات الصواريخ.
فالوضع اللّبناني، يزداد تأزّمًا على كلّ المستويات السّياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والماليّة، إضافةً إلى الخراب الذي أصاب الخدمات من هاتف ومياه وآخرها الكهرباء، انقطع تيّارها بالكامل وعلى مدى النّهار واللّيل، بسبب فقدان الفيول، الّذي لم يسدّد ثمنه إلى العراق ويبلغ مليار دولار، فتبرّعت الجزائر بتقديم شحنة فيول مؤقتة لعودة الكهرباء جزئيًّا ولساعات أقل من عدد أصابع اليد الواحدة يوميًّا.
ويمرُّ لبنان في وضع خطير وصعب ودقيق، بالرّغم من وجود فسحات أمل وتفاؤل، بأن الأزمة وإن طالت سيجرى حلّها، لكن بعد وقف الحرب في غزّة، فتهدأ جبهة الجنوب المرتبطة بها.